أبو دجانة… العميل الذي خدع الجميع: القصة الكاملة لأخطر اختراق ضرب الـCIA في خوست

في نهاية عام 2009، وقعت واحدة من أكثر الضربات الدامية والمفاجئة في تاريخ الاستخبارات الأميركية، حين نجح الطبيب الأردني همام خليل البلوي—الذي ظنته الـCIA “جوهرة استخبارية”،في تنفيذ هجوم انتحاري داخل قاعدة تشابمان بولاية خوست الأفغانية، موقعًا سبعة من ضباط الوكالة، وضابطًا أردنيًا بارزًا، إضافة إلى سائق أفغاني، في حادثة صُدمت بها الأجهزة الأمنية حول العالم.
البلوي، الذي بُنيت حوله صورة العميل الذهبي القادر على اختراق تنظيم القاعدة والوصول إلى قياداته، جُنّد بمعرفة المخابرات الأردنية وبالتنسيق مع الـCIA.
واعتقد الجميع أنه يحمل كنزًا من المعلومات سيغيّر مسار الحرب على الإرهاب.
وبسبب هذا الاعتقاد، نُقل إلى القاعدة العسكرية حيث كان في استقباله كبار الضباط الأميركيين والأردنيين، من بينهم الشريف علي بن زيد، أحد أبرز ضباط الاستخبارات الأردنية وابن عم الملك عبدالله الثاني.
لكن اللحظة التي كان يُفترض أن تتوَّج فيها عملية استخبارية معقدة، تحوّلت إلى فاجعة اختراق غير مسبوقة.
البلوي، الذي اكتسب ثقة استثنائية، فجّر نفسه وسط الضباط لحظة وصوله، في مشهد وصفه مسؤولون أميركيون لاحقًا بأنه “أسوأ ضربة تتلقاها الـCIA منذ عقود”.
دوافع الهجوم… ثأر باسم طالبان
الصدمة تضاعفت بعد أن ظهر البلوي في شريط مصوّر بثته طالبان إلى جانب حكيم الله محسود، الزعيم الجديد للحركة.
وأعلن في التسجيل أن العملية جاءت انتقامًا لمقتل بيت الله محسود، زعيم طالبان باكستان السابق الذي قتله هجوم أميركي بطائرة مسيّرة.
هكذا انكشف أن الرجل، الذي اعتقدت الاستخبارات أنه أحد أهم اختراقاتها داخل القاعدة، كان في الحقيقة ولاءه الكامل للتنظيمات الجهادية.
الهوية المزدوجة… “أبو دجانة الخراساني”
ما لم تدركه الأجهزة الاستخبارية في حينه هو أن البلوي كان يحمل هوية أخرى تمامًا.
فبعيدًا عن اسمه الحقيقي، كان يُعرف على المنتديات الجهادية باسم “أبو دجانة الخراساني”، ناشطًا ومنظّرًا مؤثرًا، يقدّم نفسه كداعية شرس في دعايته الإلكترونية.
ورغم تجنيده رسميًا من قبل المخابرات الأردنية، ظل يعمل لصالح القاعدة، ليصبح أحد أخطر العملاء المزدوجين في تاريخ المخابرات الحديثة.
لحظة الانفجار… كيف وقع أكبر خطأ أمني؟
وقع الانفجار في 30 ديسمبر 2009 داخل قاعدة تشابمان، وهي منشأة حساسة تستخدمها الـCIA لتنسيق المعلومات الخاصة بالعمليات الجوية بطائرات الدرون داخل باكستان.
ووصل البلوي إلى القاعدة دون تفتيش، في خرق أمني نادر سببه الثقة المطلقة التي مُنحت له باعتباره “مصدرًا عالي القيمة”.
كان يرتدي سترة تضم عبوة ناسفة مخيطة داخل البطانة، وفجّرها فور اقتراب الضباط لاستقباله.
نقطة تحول في تاريخ الاستخبارات
لم يكن وقع الهجوم على الـCIA مرتبطًا بعدد القتلى فحسب، بل بالعامل الأخطر:
المنفذ كان شخصًا منحته الأجهزة أعلى درجات الثقة.
ومنذ تلك اللحظة، تغيّرت قواعد التعامل مع العملاء المحتملين، وأعادت أجهزة الاستخبارات الأمريكية والأردنية مراجعة آليات التقييم الأمني، وفرضت بروتوكولات جديدة للتعامل مع المصادر—خصوصًا في البيئات عالية الخطورة.
عملية خوست لم تكن مجرد هجوم… بل درس تاريخي مدوٍّ ما زالت الاستخبارات حول العالم تتوقف أمامه حتى اليوم.


تعليقات 0