أزمة الكاريبي تشتعل.. واشنطن تحشد قواتها قرب فنزويلا ومخاوف من حرب وشيكة

تعيش منطقة البحر الكاريبي على وقع توتر غير مسبوق بين الولايات المتحدة وفنزويلا، بعدما صعدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحركاتها العسكرية في المياه الإقليمية للمنطقة بزعم محاربة إرهاب المخدرات.
ومع اتساع نطاق العمليات البحرية والجوية الأمريكية، بدأت أصوات التحذير تتعالى من أن المنطقة قد تكون على أعتاب مواجهة عسكرية شاملة، بينما يحذر مراقبون من أن أي انزلاق نحو الحرب سيعني دخول واشنطن في مستنقع دموي جديد بأمريكا اللاتينية.
شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدا متسارعا في التوتر بين واشنطن وكراكاس، بعد أن أعلنت إدارة ترامب عن توسيع عملياتها العسكرية في البحر الكاريبي، تحت مبرر مكافحة تهريب المخدرات، في حين ترى فنزويلا أن هذه التحركات تمثل تهديدا مباشرا لأمنها القومي واستقلالها السياسي.
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو اعتبر أن أي مواجهة عسكرية مع بلاده ستلطخ أيدي الولايات المتحدة بالدماء، مؤكدا أن بلاده مستعدة للدفاع عن سيادتها حتى النهاية.
الخبراء انقسموا في تقييم الموقف، فبينما ترى تحليلات أمنية أن المنطقة “على شفا حرب كاملة” بعد حشد القوات الفنزويلية وتوسع العمليات الأمريكية، يعتقد آخرون أن الصراع ما زال في نطاق المناوشات المحدودة. وتشير تقارير عسكرية إلى أن الولايات المتحدة أرسلت حاملة الطائرات العملاقة “يو إس إس جيرالد فورد” إلى سواحل فنزويلا، ترافقها مجموعة من السفن الحربية والمدمرات النووية وطائرات مقاتلة من طراز F-35 وطائرات مراقبة متطورة، في خطوة اعتبرتها صحيفة “الجارديان” البريطانية أقوى إشارة حتى الآن على نية واشنطن توسيع نطاق حملتها العسكرية في المنطقة.
العمليات الأخيرة التي نفذتها القوات الأمريكية في البحر الكاريبي أسفرت عن مقتل عدد من الأشخاص يشتبه بانتمائهم لعصابات تهريب المخدرات. ففي واحدة من أكبر تلك العمليات، لقي 11 شخصا مصرعهم، بينما أعلنت الولايات المتحدة في 14 أكتوبر 2025 مقتل 6 مهربين مشتبه بهم قبالة السواحل الفنزويلية، ليرتفع إجمالي عدد القتلى إلى 27 منذ سبتمبر الماضي. ويرى بعض المراقبين أن هذه التحركات لم تعد مجرد عمليات لمكافحة التهريب، بل تحولت إلى ما يشبه “التصعيد العسكري الممنهج”.
في الوقت نفسه، كشفت مصادر سياسية عن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فوض وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) بتنفيذ عمليات سرية داخل الأراضي الفنزويلية، مع الإشارة إلى احتمال التمهيد لعمليات برية مستقبلية، وتؤكد تلك المصادر أن الأهداف المعلنة تتجاوز مسألة مكافحة تهريب المخدرات، وتشمل العمل على إضعاف سلطة الرئيس نيكولاس مادورو وربما الإطاحة به.
ويصف مراقبون هذا الانتشار بأنه “أكبر حشد عسكري أمريكي في البحر الكاريبي منذ عقود”، حيث تم نشر عدد من المدمرات وسفن الصواريخ الموجهة والغواصات النووية، في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة في القارة اللاتينية.
رغم هذا التصعيد الواضح، يرى بعض الخبراء أن احتمالات اندلاع حرب شاملة لا تزال محدودة في الوقت الراهن، مشيرين إلى أن واشنطن تواجه عقبات قانونية وسياسية كبيرة داخل الولايات المتحدة، خاصة أن أي تدخل عسكري مباشر يتطلب تفويضا من الكونجرس الأمريكي.
كما أن الانقسام الداخلي في المؤسسة العسكرية والإدارة السياسية قد يحد من قدرة البيت الأبيض على تنفيذ عمل عسكري واسع دون غطاء قانوني واضح.
ويرجح مراقبون أن تستمر المواجهة بين واشنطن وكراكاس في شكل ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية متقطعة، مع تصاعد الحرب الإعلامية بين الطرفين، بانتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة من تطورات قد تعيد رسم خريطة التوازنات في أمريكا اللاتينية بأكملها.


تعليقات 0