أين ذهبت أموال الديون؟.. رئيس الوزراء يجيب عن السؤال الأصعب

في ظل تساؤلات متزايدة من المواطنين حول ملف الدين العام وحدوده وتداعياته على الحاضر والمستقبل، خرج رئيس مجلس الوزراء ليقدّم رواية شاملة تضع الحقائق في سياقها، وتشرح كيف تعاملت الدولة مع واحد من أعقد الملفات الاقتصادية.
وأكد أن الشفافية مع الرأي العام تمثّل ركيزة أساسية في بناء الثقة، وأن فهم المواطن لما يجري هو جزء من عملية الإصلاح نفسها وليس نتيجة لاحقة لها.
ملف الدين كأولوية حكومية
أكد رئيس مجلس الوزراء أن ملف الدين يحتل صدارة أولويات الحكومة والمجموعة الاقتصادية، وأن الهدف الرئيسي يتمثل في الحفاظ على استدامة المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري دون تحميل المواطن أعباء إضافية قدر الإمكان.
وأوضح أن المقال الذي كتبه خلال الأسبوع كان موجهاً للمواطنين والخبراء لشرح آليات الدولة في التعامل مع هذا الملف الشائك والرد على المخاوف المتداولة في الإعلام ومواقع التواصل.
مخاوف المجتمع وسياق الإصلاح الاقتصادي
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة تتابع باهتمام كل ما يُثار من قلق بشأن قدرة الدولة على سداد الدين أو تأثيره على الأجيال المقبلة، مؤكدا أن برامج الإصلاح الاقتصادي التي طُبّقت خلال السنوات الماضية كانت لها كلفة تحملها المواطن بوعي وطني، وهو ما أشاد به رئيس الجمهورية أكثر من مرة تقديرا لصبر المصريين وإيمانهم بأن المستقبل سيكون أفضل.
السؤال الجوهري عن مصير أموال الدين
طرح رئيس مجلس الوزراء السؤال الأهم وهو: أين وُضعت أموال الدين ولأي غرض استُخدمت؟ موضحا أن الإجابة تتطلّب العودة إلى عام 2014 حين خرجت مصر من تبعات ثورتين تركتا الدولة في أوضاع بالغة الصعوبة، ما فرض اتخاذ قرارات جريئة لإعادة بناء البنية الأساسية للدولة.
قطاع الكهرباء كنقطة انطلاق
توقف رئيس الوزراء عند أزمة الكهرباء في 2014، موضحا أن الدولة قبل هذا العام لم تتخذ خطوات استباقية لمواجهة الزيادة المتوقعة في الاستهلاك، وأن القدرات المتاحة حينها لم تكن تتجاوز من 22 إلى 24 ألف ميجاوات، بينما وصل الاستهلاك في صيف 2024 إلى 39 ألف ميغاوات، مؤكداً أنه لولا الاستثمارات الضخمة في هذا القطاع لكانت الانقطاعات اليومية قد وصلت إلى 12 ساعة.
أزمة الدولار وتحدي تشغيل المحطات
وأوضح أن الدولة نجحت في بناء محطات وشبكات حديثة، لكن أزمة نقص الدولار منذ عام ونصف تسببت في صعوبة توفير الوقود اللازم للتشغيل، ما اضطر الحكومة لتخفيف الأحمال لفترات محدودة، متسائلاً كيف كان يمكن جذب الاستثمارات أو تحمل المواطن للظروف لو استمرت الانقطاعات لساعات طويلة يوميا.
إرادة سياسية لبناء الوطن
استعاد رئيس الوزراء كلمات رئيس الجمهورية عند توليه المسؤولية، حين أكد أن بناء الدولة مهمة شاقة تتطلب تضحيات كبيرة، مشددا على أن هذه الروح كانت المحرك الأساسي للقرارات الاقتصادية والاستثمارية التي اتُخذت خلال السنوات الماضية.
القضاء على العشوائيات وتوفير السكن اللائق
وانتقل الحديث إلى ملف السكن، موضحا أن نحو 300 ألف أسرة كانت تعيش في مساكن غير آمنة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، وأن الدولة نجحت في نقل هذه الأسر إلى مساكن حضارية تليق بالإنسان المصري، وهو ما انعكس إيجابيا على الأمن الاجتماعي وجودة الحياة في هذه المناطق.
حل أزمة السكن التاريخية
وأشار إلى أن أزمة السكن كانت ممتدة لعقود، حيث عاشت أسر في المقابر وعانت من توفير سكن لأبنائها، مؤكدا أن الدولة أنجزت بناء أكثر من 1.5 مليون وحدة سكنية إلى جانب ما نفذه القطاع الخاص والأهلي، وهو ما شكّل نقلة نوعية في هذا الملف.
تطوير الصرف الصحي في القرى
تحدث رئيس الوزراء عن قطاع الصرف الصحي، موضحا أنه في 2014 لم تتجاوز نسبة التغطية في القرى 12%، بينما ارتفعت اليوم إلى نحو 65% مع استهداف الوصول إلى 100% عقب الانتهاء من مشروعات حياة كريمة، بما يحقق العدالة التنموية بين الريف والحضر.
ثورة النقل والطرق والموانئ
استعرض ما تحقق في قطاع النقل من تطوير شامل لشبكة الطرق والموانئ والنقل الجماعي، موضحا أن هذه الاستثمارات غيرت شكل الحركة والتجارة رغم تضاعف عدد السكان، مقارنة بما كان عليه الوضع في العقود الماضية.
الإنجاز الصحي ومبادرات العلاج
تطرق إلى قطاع الصحة، مؤكدا أن القضاء على فيروس سي يمثل تجربة نجاح عالمية، إلى جانب مبادرات القضاء على قوائم الانتظار التي شهدت إجراء تدخلات جراحية لنحو 2.8 مليون مواطن بتكلفة زهيدة مقارنة بالتكلفة الحقيقية التي تحمّلتها الدولة، والتي بلغت عشرات المليارات.
تطوير التعليم وبناء الإنسان
فيما يخص التعليم، أوضح أن كثافة الفصول التي كانت تصل إلى 120 و150 طالباً في 2014 تراجعت اليوم إلى نحو 50 طالباً بفضل التوسع الكبير في بناء المدارس والجامعات، حيث ارتفع عدد الجامعات من 50 إلى أكثر من 120 جامعة.
الحماية الاجتماعية وتحقيق العدالة
ونوه رئيس الوزراء إلى برنامج “تكافل وكرامة” الذي وفر دعما نقديا لملايين الأسر المستحقة، مؤكدا أن هذا البرنامج يمثل أحد أعمدة الحماية الاجتماعية التي رافقت الإصلاح الاقتصادي.
الصدمات الخارجية وتأثيرها على الدين
تساءل رئيس الوزراء عما إذا كان الدين لم يكن محسوسا أثناء تنفيذ هذه المشروعات، موضحا أن الدولة كانت تراقبه، لكن الصدمات العالمية المتلاحقة فاقت التوقعات، وأثرت على كل دول العالم وليس مصر فقط، في وقت كانت فيه الدولة تعالج تراكمات 30 عاماً من التأخر.
ثمار التنمية والتحديات المستمرة
أكد أن الحكومة تدرك أن المواطن يحتاج دائماً للمزيد في ظل الزيادة السكانية، لكن ما تحقق يمثل أساسا صلباً لبناء دولة حديثة، مشيرا إلى أن تقييم الحاضر يجب أن يُقارن بوضع البلاد في 2014.
المسار التنازلي للدين العام
أوضح رئيس الوزراء أن نسبة الدين للناتج المحلي انخفضت من 96% قبل عامين إلى 84% حاليا، وهو مسار لم تشهده مصر منذ 50 عاما، مؤكدا أن انخفاض الفائدة سيسهم في تقليل خدمة الدين، ويفتح المجال لمزيد من الاستثمارات في مشروعات تمس حياة المواطن.
رؤية واضحة للمستقبل
اختتم رئيس الوزراء بالتأكيد على أن الدولة تسير وفق رؤية سياسية واقتصادية واضحة، وأن ما تحقق على أرض مصر يشهد به الزائرون والخبراء باعتباره إنجازا استثنائيا تحقق في فترة زمنية قصيرة.


تعليقات 0