27 نوفمبر 2025 03:59
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

«إطلاق نار قرب البيت الأبيض».. رحلة الحرس الوطني من المليشيا لقوات احتياط بالجيش الأمريكي


شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن توترا أمنيا لافتا بعد حادث إطلاق نار وقع في محيط البيت الأبيض، وأسفر عن إصابة عنصرين من الحرس الوطني الأمريكي، مما أعاد تسليط الضوء على هذه القوة العسكرية التي تلعب دورا محوريا في الأمن الداخلي والخارجي للولايات المتحدة.

تأتي أهمية هذا الحدث من طبيعة الجهة المستهدفة وموقعه الحساس، إلى جانب التساؤلات المتجددة حول مهام الحرس الوطني وتركيبته وتاريخه الذي يمتد لقرون، وكيفية قيامه بتأدية أدواره في مواجهة الأزمات والطوارئ داخل البلاد وخارجها.

ماهية الحرس الوطني وأصوله التاريخية
يعد الحرس الوطني جزءا أساسيا من قوات الاحتياط في الجيش الأمريكي، ويتكون من فرعين رئيسيين هما الحرس الوطني البري والحرس الوطني الجوي.

تعود جذوره إلى المليشيات المدنية التي تشكلت في القرن السابع عشر بالمستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية، حين تأسست أولى وحداته في مستعمرة خليج ماساتشوستس عام 1636 لحماية المستعمرة من الأخطار المحيطة.

ومع تطور الدولة الأمريكية وتوسع مؤسساتها، تحول الحرس الوطني في القرن العشرين إلى ركيزة أساسية في منظومة الجيش، خاصة بعد إقرار قانون ديك عام 1903 الذي وحد هذه المليشيات في قوة احتياط منظمة وخاضعة للسلطة الفيدرالية.

تركيبة الحرس الوطني وانتشاره وعدد عناصره
يضم الحرس الوطني قوات منتشرة في جميع الولايات الأمريكية، إضافة إلى الأقاليم التابعة لها، ويبلغ عدد أفراده نحو أربعمئة وثلاثين ألف عنصر، من بينهم آلاف يخدمون في مناطق مثل بورتو ريكو وجوام وجزر فيرجن.

وتكمن خصوصيته في كون قيادته مزدوجة، إذ يخضع في أوقات السلم لسلطة حكام الولايات الذين يمكنهم استدعاؤه في حالات الطوارئ مثل الكوارث الطبيعية وأعمال الشغب، بينما يملك الرئيس الأمريكي صلاحية استدعائه للخدمة الفعلية خلال الأزمات الوطنية الكبرى لمدة تصل إلى عامين.

هيكل القيادة وصلاحيات الانتشار
في الظروف الاعتيادية، يقود حكام الولايات وحدات الحرس الوطني وفق معايير التنظيم التي تضعها وزارة الدفاع، بينما يتم دعمه وتجهيزه عبر الحكومة الفيدرالية.

أما في حال وقوع تهديدات كبرى مثل الغزو أو الانهيار الأمني، يحق للرئيس أن يتولى قيادته مباشرة، رغم ندرة هذا التدخل تاريخيا.

ويعد رئيس مكتب الحرس الوطني أعلى رتبة في هذه المؤسسة وعضوا في هيئة الأركان المشتركة، بينما تتولى قيادة الوحدات داخل الولايات ضباط برتب ميدانية عالية.

وعندما يتم نشر قوات الحرس داخل ولاية واحدة تكون القيادة لحاكم الولاية، بينما تنتقل للرئيس عند الانتشار على مستوى البلاد.

تاريخ من التوتر بين الرؤساء وحكام الولايات
شهدت العلاقة بين الحرس الوطني والحكومات الفيدرالية بعض التوترات، خاصة عند تجاوز الرؤساء صلاحيات حكام الولايات.

ففي الأعوام الأخيرة، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أمرا بنشر آلاف من عناصر الحرس في لوس أنجلوس لتفريق احتجاجات دون موافقة حاكم الولاية، ما دفع كاليفورنيا إلى رفع دعوى قضائية ضد هذا القرار.

وتعد هذه الواقعة من الحالات النادرة منذ ستين عاما التي يتم فيها نشر قوات الحرس دون موافقة حكومية محلية، في حين شهدت أحداث أخرى طلب حكام الولايات أنفسهم تدخل الحكومة الفيدرالية كما حدث في أعمال الشغب بلوس أنجلوس عام 1992.

مهام الحرس الوطني داخل الولايات وخارجها
يؤدي الحرس الوطني مجموعة واسعة من المهام، تبدأ بإغاثة المتضررين من الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والحرائق، كما حدث في هاواي عقب حريق ماوي عام 2023.

وعلى الصعيد العسكري، شارك أكثر من مليون من عناصره في عمليات خارجية منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بما في ذلك مهام في العراق وأفغانستان وأوروبا والمحيط الهادئ، وساهم في جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا وتدريب القوات الأوكرانية.

ويلعب الحرس الوطني الجوي دورا متزايدا في تشغيل الطائرات المسيرة وتحليل البيانات الاستخباراتية، ويخدم عناصره جنبا إلى جنب مع القوات النظامية في عدد من القواعد الأمريكية.

دوره في الأمن الداخلي وإنفاذ القانون والحدود
يساعد الحرس الوطني قوات الشرطة في السيطرة على الاضطرابات داخل المدن الأمريكية، كما حدث خلال احتجاجات عام 2020 وبعد اقتحام الكونجرس عام 2021، إضافة إلى مشاركته في دعم الأمن في محطات المترو والمناطق ذات الكثافة العالية.

وعلى الحدود مع المكسيك، يعمل آلاف من أفراده ضمن مهام إدارية ولوجستية لدعم أمن الحدود في إطار منظومة متعددة الوكالات، مع منعهم من تنفيذ مهام شرطية مباشرة.

دعم العملية الانتخابية والأمن السيبراني
في السنوات الأخيرة، تولى الحرس الوطني أدوارا جديدة في حماية أمن الانتخابات، خاصة في مجال الأمن السيبراني، حيث ساعد في تأمين البنية التحتية الانتخابية خلال انتخابات 2020 و2024.

كما شارك في تنظيم مراكز الاقتراع خلال جائحة كورونا، وتم نشر وحداته بعد تعرض صناديق الاقتراع لاعتداءات متعمدة في بعض الولايات.