إيران تدفن قادتها بين صمت القنابل وصراخ التهديدات

شهدت العاصمة الإيرانية طهران مشاهد مهيبة صباح اليوم السبت خلال تشييع ستين من أبرز القادة العسكريين والعلماء النوويين الذين سقطوا ضحايا في الحرب الأخيرة مع إسرائيل. تحوّل الموكب الجنائزي إلى مظاهرة وطنية كبرى، حيث انطلق من ميدان الثورة نحو ميدان الحرية وسط حشود غفيرة حملت الأعلام الإيرانية ونعوشاً مغطاة بصور الضحايا، بينما رفعت لافتات تهديدية ضد إسرائيل.
تضمنت قائمة الضحايا أسماء لامعة في المؤسسة العسكرية والنووية الإيرانية، أبرزهم رئيس الأركان العامة محمد باقري الذي قُتل مع عائلته، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، إضافة إلى 16 عالماً نووياً بينهم محمد مهندي طهرانجي وزوجته. كما شملت الخسائر الإيرانية سقوط مدنيين بينهم نساء وأطفال، فيما ظهر مستشار المرشد علي شمخاني وهو يعاني من إصابته خلال مشاركته في المراسم.
أثارت حصيلة الضحايا جدلاً واسعاً، حيث أعلنت طهران عن مقتل 610 أشخاص بينهم 62 طفلاً وامرأة، بينما رفعت منظمات حقوقية الرقم إلى نحو 974 قتيلاً. في المقابل، لم تتجاوز الخسائر الإسرائيلية 28 قتيلاً حسب المصادر الرسمية. بدأ الصراع بضربات إسرائيلية مفاجئة استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية تحت ذريعة منع إيران من امتلاك السلاح النووي.
من واشنطن، تصاعدت التصريحات العدائية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي هدد بضربات جديدة إذا ما استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم، مدعياً في منشور مثير أنه “عرف مكان اختباء خامنئي لكنه منع قتله”. كما أعلن ترامب إلغاء خطط لتخفيف العقوبات بسبب ما وصفه بـ”خطاب الكراهية الإيراني”، نافياً في الوقت ذاته أي اتفاق نووي قريب.
أكدت تقارير استخباراتية أمريكية أن الضربات الأخيرة ألحقت أضراراً جسيمة بالبنية التحتية النووية الإيرانية قد تستغرق سنوات لإصلاحها. لكن طهران سارعت إلى نفي ذلك، حيث وصف المرشد الأعلى الهجمات بأنها “صفعة فاشلة” لأمريكا، مكرراً تأكيده على التزام إيران بالمسار النووي السلمي رغم كل الضغوط.
تصاعدت حدة الخطاب الإيراني الرسمي، حيث وصف وزير الخارجية عباس عراقجي تصريحات ترامب بأنها “غير مقبولة”، مؤكداً أن شعبه “ضحي بالدماء لا بالشرف”. كما حذر الحرس الثوري من أن أي اعتداء جديد سيواجه برد “غير مسبوق”، في إشارة إلى التصعيد المحتمل.
يبقى وقف إطلاق النار الهش الذي أعلنه ترامب قبل خمسة أيام تحت اختبار صعب، في وقت تتبادل فيه الأطراف التهديدات وتصر طهران على مواصلة برنامجها النووي. المشهد الراهن يثير مخاوف من تحول مراسم التشييع إلى شرارة لموجة جديدة من العنف، خاصة مع تصوير الضحايا كشهداء وأبطال في الخطاب الإيراني الرسمي.
تعليقات 0