اتفاق هش لوقف إطلاق النار في السويداء وسط تصعيد عسكري سوري وإسرائيلي

أعلنت وزارة الدفاع السورية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوب البلاد، عقب دخول وحدات من الجيش السوري المدينة في محاولة لإنهاء اشتباكات دامية بين مجموعات مسلحة من أبناء الطائفة الدرزية وعشائر بدوية.
يأتي ذلك بالتزامن مع غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع داخل المحافظة، ما يهدد بتفاقم الوضع الأمني وعودة التوتر مجددًا.
نشر أمني واسع وتعليمات صارمة
وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، أكد أن الاتفاق جاء بالتعاون مع وجهاء وأعيان المدينة، مشددًا على أن الهدف من انتشار القوات الحكومية هو فرض الأمن وحماية السكان.
وأشار إلى إصدار أوامر صارمة للقوات بضرورة احترام حياة المدنيين والحفاظ على السلم المجتمعي، موضحًا أن أحياء المدينة ستُسلَّم تدريجيًا إلى قوى الأمن الداخلي بعد انتهاء عمليات التمشيط.
كما فرضت السلطات حظر تجول شامل بدءًا من صباح الثلاثاء، مع بدء انتشار الشرطة العسكرية داخل المدينة لضبط السلوكيات ومنع أي تجاوزات.
دور وزارة الداخلية وتحذيرات أمنية
قائد الأمن الداخلي في السويداء، العميد أحمد الدالاتي، طالب قادة المجموعات المسلحة بتسليم أسلحتهم وعدم اعتراض القوات، في حين حذرت وزارة الداخلية من الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
وأكد متحدث باسم الداخلية أن أي محاولات لزعزعة الأمن ستُواجه بحزم، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الغاية ليست الانتقام، بل توفير بيئة حوار وطني.
مواقف متباينة داخل الطائفة الدرزية
رحّبت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز بدخول القوات الحكومية ودعت للتعاون مع الدولة وتسليم السلاح، بينما أبدى الشيخ حكمت الهجري – أحد مشايخ العقل الثلاثة – تحفظه، قائلاً إن البيان المرحب بالتدخل صدر تحت ضغوط خارجية، واتهم الحكومة بنكث الاتفاقات، مطالبًا أبناء الطائفة بـ”المقاومة”.
غارات إسرائيلية وأوامر مباشرة من نتنياهو
في تصعيد خطير، شن الجيش الإسرائيلي عدة غارات على مواقع في محافظة السويداء، مستهدفًا طرقًا عسكرية وآليات ثقيلة، بزعم خرق الاتفاقات السابقة بشأن نزع السلاح من المنطقة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، أعلنا أن الغارات تستهدف “منع تهديد الدروز” وفق تعبيرهم، مشددين على “تحالف الأخوّة” مع دروز إسرائيل.
ووفق مصادر إسرائيلية، فإن الضربات الجوية تمّت بتنسيق مباشر مع واشنطن، في ظل اتهامات متكررة لسوريا بتمرير أسلحة ثقيلة إلى الجنوب.
خلفيات الأزمة وتعقيداتها الداخلية
يرى باحثون أن ما يجري في السويداء يعكس تعقيدات داخلية عميقة، ناتجة عن غياب سلطة الدولة في المحافظة لفترة طويلة، ووجود فصائل مسلحة محلية ترفض الخضوع لأي سلطة مركزية.
وأكّد الخبير وائل علوان في تصريح للجزيرة أن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة توتر طويل الأمد بين أهالي السويداء والعشائر البدوية، في ظل محاولات خارجية لتأجيج النزاع واستثمار الانقسام.
من جهة أخرى، أكدت الحكومة السورية أنها تعاملت بمرونة لتجنب التصعيد، لكن استمرار الانفلات الأمني أجبرها على التدخل لضبط السلاح وضمان وحدة الدولة.
تعليقات 0