3 أغسطس 2025 00:03
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

البلوجرز تحت المراقبة.. حملة أمنية واسعة تكشف عن الوجه الآخر لصناعة المحتوى في مصر

شهدت مصر خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية سلسلة من التحركات الأمنية المكثفة استهدفت عددًا من صانعي المحتوى المعروفين على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد توالي البلاغات ضدهم من مواطنين ومحامين وجهات رقابية، تتهمهم بنشر محتوى مسيء أو خادش للحياء، والإخلال بالقيم الأسرية، والتربح غير المشروع، وفي بعض الحالات، حيازة وتعاطي مواد مخدرة.

في أحدث الضربات الأمنية، ألقت أجهزة وزارة الداخلية القبض على محمد خالد الشهير بـ”مداهم”، أحد صناع المحتوى المتخصصين في بث فيديوهات عبر “فيسبوك” و”تيك توك”، وذلك بتهمة نشر محتوى خادش للحياء العام وتحريض على الفجور.

وبحسب بيان وزارة الداخلية، تم ضبط المتهم في دائرة قسم شرطة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، وبحوزته مبالغ مالية بعملات محلية وأجنبية، ومشغولات ذهبية، بالإضافة إلى كمية من مخدري الحشيش والأفيون.

وبالتحقيق معه، أقر بأنه ينشر تلك المقاطع بهدف جذب المتابعين وتحقيق أرباح مادية من الإعلانات والتفاعل، كما اعترف بحيازته للمواد المخدرة بغرض التعاطي.

وفي نفس السياق، تم القبض على البلوجر “علياء قمرون”، التي أثارت الجدل على منصة “تيك توك” من خلال فيديوهات وُصفت بأنها “مسيئة ومبتذلة” وتتضمن إيحاءات غير لائقة وإساءة للمجتمع المصري.

كما تم استدعاء صانعة المحتوى الشهيرة باسم “سوزي الأردنية”، للتحقيق معها في وقائع مشابهة، وتقرر متابعتها قضائيًا على خلفية بلاغات تتهمها بـ”التحريض على الفسق والفجور”.

تعود البداية الأبرز في هذا المسلسل إلى القبض على البلوجر هدير عبد الرازق، المعروفة على منصات التواصل، والتي تم توقيفها في إحدى شقق القاهرة الجديدة، بعد بلاغ يفيد بتورطها في نشر 11 فيديو فاضحًا، تضمنت إيحاءات ومشاهد وصفت بأنها غير أخلاقية ومخالفة للقيم الأسرية.

ووفقًا للتحقيقات، تبين أن هدير كانت تتقاضى مبالغ مالية عبر البث المباشر لقاء تلك المحتويات، في واقعة صُنفت تحت بند “الاتجار بالسمعة الرقمية”.

وقد صدر بحقها حكم قضائي بالسجن لمدة سنة وكفالة 5 آلاف جنيه وغرامة 100 ألف جنيه، وهو ما اعتُبر أول تطبيق حقيقي لصيغة قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية على البلوجرز.

خلال نفس الفترة، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على البلوجر داليا ف.، بعد العثور على مخدر GHB (وهو ما يعرف بـ”مخدر الاغتصاب”) في منزلها بالقاهرة الجديدة، إلى جانب معدات بث احترافية، ما عزز من شبهة الاتجار بالبث غير القانوني وتعاطي المخدرات.

كما تم ضبط البلوجر روكي أحمد في يوليو الماضي، بتهم مشابهة تتعلق بـ”التحريض على الفجور، وبث محتوى يخالف الأخلاق العامة” عبر بث مباشر يحتوي على إيحاءات جنسية صريحة، واستغلال المتابعين للحصول على الهدايا المدفوعة عبر المنصات.

جميع الوقائع المذكورة تستند إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وخاصة المواد المتعلقة بـ:

نشر محتوى يخل بالقيم الأسرية والمجتمعية.

التحريض على الفجور والعنف أو الكراهية.

الاستغلال غير المشروع لمنصات التواصل بهدف التربح المادي.

ويتيح القانون للنيابة العامة والأجهزة الرقابية الحق في:

ضبط ومصادرة الأجهزة المستخدمة في بث أو إعداد المحتوى.

تحليل الحسابات الإلكترونية والمبالغ المحولة من المنصات الدولية.

حبس المتهم احتياطيًا وإحالته لمحكمة اقتصادية مختصة.

النيابة العامة أصدرت عدة بيانات تحذيرية بشأن الاستخدام غير المشروع لمواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن “حرية التعبير لا تشمل خرق القانون أو التعدي على القيم”.

في المقابل، عبر عدد من النشطاء والمراقبين عن قلقهم من اتساع دائرة الاتهامات دون توضيح حدود الخط الأحمر بدقة، ما قد يؤثر على حرية الإبداع والطرح المجتمعي، داعين إلى نشر ضوابط إرشادية واضحة للمحتوى المسموح عبر الإنترنت.

أما على الصعيد الشعبي، فقد لاقت هذه التحركات الأمنية ترحيبًا واسعًا من جانب المواطنين وأولياء الأمور، الذين أعربوا عن استيائهم المتكرر من تحول بعض المنصات إلى “مساحات للإسفاف والإباحية المغلفة تحت ستار الترفيه”.

تمثل هذه الحملة، التي شملت القبض والتحقيق مع عدد من أبرز البلوجرز المصريين، تحولًا واضحًا في استراتيجية الدولة تجاه تنظيم المحتوى الرقمي، وتطبيق القانون على المؤثرين الرقميين أسوة بأي مواطن آخر.