18 أغسطس 2025 00:16
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

السلاح والهوية .. أسباب رفض الجماعات المسلحة الاندماج في الدولة 

في ظل الضغوط الإقليمية والدولية المتصاعدة لتجريد الجماعات المسلحة من أسلحتها، يبرز سؤال محوري: لماذا تصر هذه التنظيمات على الاحتفاظ بسلاحها، رغم المخاطر التي تترتب على ذلك؟ الإجابة ليست بسيطة، فالأمر لا يتعلق فقط بالصراع مع أعداء خارجيين، بل بصراع وجودي داخلي ، بالنسبة لحزب الله في لبنان، وحماس في فلسطين، والحوثيين في اليمن، يمثل السلاح أكثر من أداة قتال؛ إنه جوهر الهوية السياسية، وضمانة البقاء، وأداة التفاوض الوحيدة في أنظمة تعتبرها هذه الجماعات إما عاجزة أو خائنة.

 

1. السلاح ليس أداة قتال فقط بل هو شرعية سياسية

بحسب الباحث الفرنسي أوليفييه روا، لا ترى هذه الجماعات نفسها “أحزابًا سياسية” بالمعنى التقليدي، بل “مشاريع مقاومة”. ففقدان السلاح يعني فقدان المبرر الأيديولوجي لوجودها.

فحزب الله، على سبيل المثال، يقدم سلاحه كـ”درع للمقاومة” ضد إسرائيل، لكنه في الواقع يستخدمه أيضًا كورقة ضغط داخل النظام اللبناني.

2. الخوف من المصير المجهول بعد تسليم السلاح
هناك هاجس مشترك بين هذه الجماعات: ماذا سيحدث لو تخلت عن سلاحها؟ التاريخ يقدم إجابات مرعبة. حماس تتخوف من أن تصبح “فتح جديدة” بعد أوسلو، أي سلطة بلا قوة ردع.

الحوثيون في اليمن، الذين تربطهم علاقة عضوية بالسلاح بسبب الموروث الزيدي، يرون أن التخلي عنه يعني فقدان شرعيتهم الدينية والسياسية معًا.

3. السلاح.. بين القوة التفاوضية والعزلة السياسية
تكمن المفارقة في أن السلاح يمنح هذه الجماعات نفوذًا لا يمكن تحصيله عبر صناديق الاقتراع، لكنه في الوقت نفسه يعزلها عن الاندماج الكامل في الدولة.

تقرير لـ”كارنيجي” يشير إلى أن هذه الجماعات عالقة بين خيارين: إما البقاء مسلحة خارج الدولة، أو الدخول إليها بلا سلاح – وهو ما يعادل انتحارًا سياسيًا في نظرها.

4. هل يمكن لهذه الجماعات أن تتخلى عن السلاح طوعًا؟
مع تغير الخرائط السياسية في المنطقة، تزداد الضغوط على هذه الجماعات للتخلي عن أسلحتها.

لكن التجارب السابقة تشير إلى أن الأمر ليس بهذه السهولة، فالكثير منها ولد من رحم البندقية، والانفصال عنها يعني نهاية هويتها بالكامل.

السؤال الذي يبقى معلقًا: هل يمكن لهذه الجماعات أن تتحول إلى أحزاب سياسية عادية دون أن تفقد شرعيتها وقاعدتها الشعبية؟

السلاح لم يعد مجرد وسيلة دفاع أو هجوم لهذه الجماعات، بل أصبح جزءًا من حمضها النووي السياسي،وأي حديث عن نزعه يتجاوز الجانب الأمني ليطال أسئلة وجودية: من نحن؟ وما هو مستقبلنا بدون سلاح؟ الإجابات ليست سهلة، لكنها تحدد مصير ليس فقط هذه الجماعات، بل أيضًا الدول التي تعمل فيها.