29 أكتوبر 2025 19:20
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

السودان بين نبوءات التوراة وسيناريوهات التقسيم..هل يتحقق وعد الرب ؟

من قلب القارة السمراء، وعلى ضفاف النيل الممتد من الجنوب إلى الشمال، يقف السودان اليوم في لحظة تاريخية فارقة، حيث تتقاطع فيه الجغرافيا بالأسطورة، والسياسة بالنبوءة، فبين نيران الحرب الأهلية التي تمزق البلاد، وتصارع الجيش ومليشيا الدعم السريع على السلطة، تطفو على السطح قراءات توراتية وتلمودية قديمة تتحدث عن “كوش” — الاسم القديم للسودان — كأرض تتحرك منها أحداث “نهاية الزمان”.

وفي خضم هذا المشهد الملتهب، يتردد السؤال: هل ما يجري مجرد صراع داخلي؟ أم أن السودان أصبح ساحة لتنفيذ سيناريوهات غامضة تمتد جذورها إلى النصوص المقدسة ومشروعات الهيمنة الحديثة؟

جذور الحرب ومخططات التقسيم

من قلب إفريقيا، وتحديدا على ضفاف النيل، يقف السودان اليوم في مفترق طرق خطير، حرب أهلية تمزق البلاد، وصراع دموي بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، وخطر التقسيم يلوح في الأفق، كأن التاريخ يعيد نفسه في لوحة جديدة من الفوضى والعقاب.

الحرب الحالية في السودان مش مجرد صراع على سلطة أو نفوذ، لكنها امتداد لسلسلة طويلة من الأزمات اللي بدأت بانفصال الجنوب سنة 2011، لما تم تأسيس دولة جنوب السودان بدعم غربي وإسرائيلي واضح ، ومن يومها، بقى السودان هدفا مفتوحا لمشاريع التفتيت، لأن موقعه مش عادي فهو البوابة الجنوبية لمصر، وواحد من أهم مفاتيح القرن الإفريقي، الغني بالذهب والمياه والممرات الاستراتيجية.

اللي بيحصل دلوقتي في دارفور — اللي سيطرت عليها قوات الدعم السريع — مش مجرد نزاع داخلي، لكن خطوة كبيرة في طريق التقسيم التلاتي اللي اتكتب في وثائق غربية من سنين: شرق السودان (على البحر الأحمر)، غرب السودان (دارفور)، والوسط النيلي (الخرطوم وشمالها)، كل منطقة بتتحول تدريجيا إلى كيان منفصل، وده يخدم مصالح كتير لكن أكتر المستفيدين هم اللي بيتكلم عنهم النصوص القديمة من آلاف السنين.

نبوءات كوش في النصوص القديمة

في التوراة، ذكرت كوش أكثر من 30 مرة، وهي المقابلة الجغرافية للسودان الحديث ومن أبرز النصوص: سفر التكوين 2:13 “واسم النهر الثاني جيحون، وهو المحيط بجميع أرض كوش.” و سفر إشعيا 18:1-2 “ويل لأرض الأجنحة التي في عبر أنهار كوش، التي ترسل رسلا في البحر، في سفن من البردي على وجه المياه، إلى أمة طويلة القامة ملساء الجلد، إلى شعب يخشى من القريب والبعيد و سفر صفنيا 3:10 “من عبر أنهار كوش، المتضرعون إلي، بنو المشتتين يقدمون تقدمة.”

أما التلمود البابلي (سنهدرين 97أ و98ب) فيتحدث عن اشتعال الحروب في الجنوب، وخروج شعوب سوداء كالفحم تتجه شمالا قبل مجيء “الماشيح”، وتفسر هذه النصوص بأن بلاد كوش — السودان — ستكون الشرارة التي تسبق التحولات الكبرى في العالم.

وفي كتاب الزوهار الكابالي، يرد: “حين تهتز أرض كوش، وتضطرب أنهارها، تفتح أبواب الشرق، ويحكم الغرب قبضته على الجنوب، وتعاد الأرض إلى أصحاب العهد القديم.” وهي إشارة يراها بعض المفكرين الصهاينة انعكاسا لمشروع “إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات”.

مصر مفتاح الجنوب وسد الفوضى

أما على الأرض، فالواقع يؤكد أن السودان يتفكك تدريجيا: دارفور تحت نفوذ الدعم السريع، الخرطوم في حالة حرب، والشرق أصبح مركز الحكومة المؤقتة، ومع دخول قوى دولية كإسرائيل وروسيا والولايات المتحدة على خط الصراع، تبدو البلاد كساحة مفتوحة لإعادة رسم خريطة المنطقة.

وفي الفكر التوراتي، تظل مصر وكوش مرتبطتين مصيرا وجغرافيا، حيث يذكر سفر حزقيال 30:4-6 أن “كوش تنهار مع مصر”، ومع تزايد الاضطراب في الجنوب، تتجه الأنظار إلى مصر باعتبارها القوة المتماسكة الأخيرة في هذا الإقليم الملتهب، و”مدينة الملجأ” كما تسميها النصوص القديمة.

ويقول المحللون للمشهد ، ما يجري في السودان لا يمكن قراءته فقط كصراع داخلي، بل كجزء من لوحة أوسع تمتد من التاريخ المقدس إلى الجغرافيا السياسية الحديثة، في صراع على هوية النيل ومصير المنطقة بأكملها ، فهل تتحقق النبوءات حقا؟ أم أن القوى المعاصرة تسعى لتصنيعها على أرض الواقع؟