«الطريق إلى الدولة الفلسطينية».. ضغط عالمي يتصاعد وعناد إسرائيلي يتجذر

يعود ملف الدولة الفلسطينية إلى الواجهة مع تصاعد التوتر في قطاع غزة، واشتداد الضغوط الدولية على دولة الاحتلال الإسرائيلي، خصوصا بعد إقرار مجلس الأمن الدولي خطة ترامب بشأن إنهاء الحرب في غزة، تمهيدًا لإقامة دولة فلسطينية.
من جانبها رحبت الرئاسة الفلسطينية باعتماد مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة والذي ينص على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والشامل في قطاع غزة، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية دون أي عوائق.
وأكدت الرئاسة في بيان لها أن القرار الأممي يعيد التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، وشددت على ضرورة البدء الفوري في تطبيق القرار على الأرض بما يضمن عودة الحياة الطبيعية وحماية سكان القطاع ومنع التهجير وتحقيق الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال إلى جانب إعادة الإعمار، ووقف تقويض حل الدولتين ومنع الضم.
وأعربت الرئاسة الفلسطينية عن استعدادها الكامل للتعاون مع الإدارة الأمريكية وأعضاء مجلس الأمن والدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجميع أطراف التحالف الدولي والشركاء في إعلان نيويورك لتنفيذ القرار؛ بما يؤدي إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية والمضي نحو مسار سياسي يحقق السلام والأمن والاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفق حل الدولتين المستند إلى القانون الدولي والشرعية الدولية.
وجددت التأكيد على جاهزيتها لتحمل كامل مسؤولياتها في قطاع غزة في إطار وحدة الأرض والشعب والمؤسسات باعتبار القطاع جزءاً لا يتجزأ من دولة فلسطين.
المبادرة الأمريكية والحراك الدبلوماسي الواسع
ورغم أن المبادرة الأمريكية جاءت في ظل حراك دبلوماسي واسع، فإن الحكومة الإسرائيلية تظهر صلابة غير مسبوقة في رفض أي مقترح قد يعتبر من وجهة نظرها مكافأة لحركة حماس بعد أحداث السابع من أكتوبر، ما يعيد النقاش حول مدى واقعية هذا المسار وإمكانية تطبيقه على الأرض.
موقف متشدد من قيادات الاحتلال الإسرائيلي
يؤكد مندي صفدي، العضو البارز في حزب الليكود، أن إسرائيل ثابتة على موقفها الرافض لأي مشروع يمكن أن يمنح حماس مكاسب سياسية، معتبرًا أن الحديث عن حل الدولتين أو أي صيغة سياسية بديلة مؤجل إلى أجل غير معلوم.
ويشير صفدي إلى أن القيادات الفلسطينية من وجهة نظره لا تسعى بجدية لإقامة دولة، وأن ذلك يتناقض مع مصالحها الداخلية، مضيفا أن المبادرات الأميركية، بما في ذلك تصريحات الرئيس دونالد ترامب، لا يمكن فرضها على إسرائيل دون توافق مباشر مع رئيس حكومتها.
رؤية إسرائيلية تنفي حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة
وفي موقف أكثر تشددا، ينفي صفدي وجود أي حق للفلسطينيين في إقامة دولة، متسائلا عن وجود دولة فلسطينية او شعب فلسطيني عبر التاريخ، ومشددًا على أن تخوف إسرائيل لا يتعلق بقيام دولة سلمية، بل من ظهور دولة معادية على حدودها.
وأضاف -على حد زعمه- أن إسرائيل عرضت السلام تاريخيا، وأن مليوني عربي داخل إسرائيل يتمتعون بحقوق مدنية وسياسية كاملة، معتبرًا أن استقرار إسرائيل مرهون بعدم عودة حماس للنفوذ في غزة، وأن استمرارها سيعيد التوتر والدمار.
ويرى أن المصالح الإسرائيلية والأمريكية تتقاطع بشكل أساسي، وأن نتنياهو هو صاحب القرار النهائي مهما كانت الضغوط الدولية.
رؤية مصرية عربية لإحياء المسار السياسي
على الجانب المقابل، يقدم خالد عكاشة، الأكاديمي المختص في الشؤون الإستراتيجية، قراءة مختلفة تؤكد ان العالم العربي يرى فرصة تاريخية لتحقيق المطلب الفلسطيني في إقامة الدولة، وهو مطلب تأخر لعقود طويلة.
وأوضح أن الاعترافات الدولية المتتالية بالدولة الفلسطينية كانت دافعا رئيسيًا لطرح ترامب مبادرة سياسية جديدة تهدف إلى وقف الحرب والاستجابة للموقف الدولي الداعم لحل الدولتين.
وأشار إلى أن إسرائيل تقدم قراءة خاطئة حين تربط أي تسوية بالاعتراف بحماس، مؤكدًا أن الحق الفلسطيني يستند إلى قرارات الأمم المتحدة التي نصت منذ عام 1947 على إنشاء دولتين، وأن فلسطين كانت موجودة قبل قيام إسرائيل.
العزلة الإسرائيلية وصراع الروايات
يرى عكاشة أن إسرائيل تواجه اليوم تحديات داخلية وخارجية تجعل خطابها المتشدد أقل قدرة على إقناع الرأي العام الدولي، وأن تصريحات مسؤوليها تعكس شعورا متزايدا بالضيق السياسي في ظل التحركات الأمريكية.
وأكد أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية لم يعد مجرد رمز سياسي، بل بات موقفا رسميا لدول مؤثرة، بما فيها أعضاء دائمون في مجلس الأمن، الأمر الذي يفرض على إسرائيل مقاربة أكثر عقلانية تجاه حل الدولتين؛ باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق استقرار إقليمي حقيقي.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية تسعى لضبط التوازنات ومنع إسرائيل من الانزلاق نحو عزلة دولية أكبر، مستشهدا بتجارب سابقة تمكنت فيها واشنطن من وقف عمليات عسكرية كبرى خلال وقت قصير.


تعليقات 0