4 نوفمبر 2025 22:59
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

الفاشر تختنق تحت الحصار.. مجاعة وإعدامات وعنف جنسي في مدينة الموت البطيء

في مشهد يختصر مآسي الحروب وانهيار الضمير الإنساني، تتحول مدينة الفاشر في شمال دارفور إلى بؤرة مأساة كبرى، حيث ترتكب قوات الدعم السريع انتهاكات مروّعة ضد المدنيين منذ سيطرتها على العاصمة الإقليمية، لتغدو المدينة رمزًا للدمار والجوع والخوف.

فقد وثّقت تقارير أممية متطابقة عمليات إعدام ميداني وعنف جنسي جماعي وحرمان السكان من الغذاء والماء والدواء، في ظل حصار خانق يمنع دخول المساعدات الإنسانية ويقطع سبل التواصل مع العالم الخارجي.

وأكدت الأمم المتحدة أن الوضع في الفاشر بلغ مرحلة “غير مقبولة إنسانيًا”، داعية إلى فتح ممرات آمنة فورًا وإقرار وقف لإطلاق النار لحماية من تبقى من المدنيين.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فرّ نحو 71 ألف شخص من المدينة والمناطق المحيطة منذ 26 أكتوبر 2025، بعد تعرضهم لأعمال قتل واختطاف وعنف جنسي أثناء محاولاتهم الفرار، فيما نزح أكثر من 62 ألف مدني خلال أربعة أيام فقط عقب سيطرة قوات الدعم السريع.

أما لجنة تصنيف الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، فكشفت أن أجزاء واسعة من السودان، بما فيها الفاشر، دخلت رسميًا في مرحلة المجاعة (الخامسة)، مع 21 مليون شخص يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، في ظل انهيار شبه تام لسبل العيش.

وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عدد سكان الفاشر انخفض من 1.11 مليون نسمة قبل النزاع إلى 413 ألفًا فقط، أي تراجع بنسبة 62%، بينما يعيش نحو 260 ألفًا داخل المدينة تحت الحصار، بينهم 130 ألف طفل يواجهون خطر الموت جوعًا ومرضًا.

وفي الوقت ذاته، يحقق مكتب المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة في دارفور منذ أبريل 2023، مشيرًا إلى أن الانتهاكات الموثقة في الفاشر قد تُصنّف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي.

وتزداد المأساة قتامة مع استمرار الهجمات على مخيمات النازحين مثل زمزم وأبو شوك، التي شهدت مقتل عشرات الأطفال والعاملين في الإغاثة، وسط تحذيرات من الاتحاد الإفريقي من خطر تصعيد دموي جديد قد يدفع المنطقة إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.

وفيما تتواصل التحقيقات الدولية، تبقى الفاشر ،مدينة التاريخ والرماد ،شاهدة على انهيار العالم الإنساني أمام جرائم لا تجد من يوقفها، فيما يموت المحاصرون ببطء بين رصاص القتلة وجوع الصمت الدولي.