26 أكتوبر 2025 02:18
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

القاهرة تقود تحركا دوليا لتثبيت التهدئة في غزة

ومؤتمر دولي لإعادة الإعمار نوفمبر المقبل

تشهد القاهرة حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا خلال الأيام الماضية لتثبيت اتفاق شرم الشيخ للسلام، الذي أنهى الحرب في قطاع غزة، تمهيدًا لبدء مرحلة إعادة الإعمار الشامل.

يأتي ذلك في إطار خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، وبمشاركة فاعلة من مصر التي تواصل دورها المحوري في دعم الشعب الفلسطيني وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

استضافت القاهرة وفدًا من حركة حماس برئاسة خليل الحية، بينما عقد اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، اجتماعات موسعة مع مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، تناولت تثبيت وقف إطلاق النار، وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية، ودفع جهود تنفيذ اتفاق شرم الشيخ.

كما التقى كامل المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي بحث معه تفاصيل المرحلة المقبلة من الخطة الأمريكية، فيما نقلت وكالة رويترز عن مصادر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي عقد بدوره اجتماعًا مع المسؤول المصري لمناقشة تعزيز التعاون الثنائي ودعم خطوات السلام.

تزامنًا مع التحركات المصرية، شهدت إسرائيل زيارات مكثفة من كبار المسؤولين الأمريكيين، من بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو ونائب الرئيس جيه دي فانس، لمتابعة تنفيذ الاتفاق.

وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) افتتاح مركز التنسيق المدني العسكري في إسرائيل، ليكون منصة لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتنسيق المساعدات الإنسانية لغزة. وأوضح قائد “سنتكوم” الجنرال براد كوبر أن المركز مجهز بقاعة عمليات تتيح تقييم الأوضاع لحظة بلحظة لضمان استقرار القطاع.

من الجانب الإنساني، تبنّت اللجنة المصرية لإغاثة أهالي غزة مشروع المخيم العاشر لإيواء النازحين داخل القطاع، في إطار مساعي الدولة المصرية لمنع أي محاولات للتهجير القسري.

وسخّرت اللجنة عشرات الشاحنات والحافلات لنقل العائلات الفلسطينية المتضررة من شمال غزة إلى مناطق الإيواء الآمنة في الجنوب، تأكيدًا على التزام مصر بدعم صمود الفلسطينيين على أرضهم وإعادة تطبيع الحياة تدريجيًا.

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة في نوفمبر المقبل، بمشاركة واسعة من الدول والمنظمات الدولية.

ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي الشعب المصري إلى المشاركة الفاعلة في جهود الإعمار، معلنًا عن تشكيل آلية وطنية لجمع التبرعات بإشراف الحكومة والمجتمع المدني، دعمًا للأشقاء الفلسطينيين.

وأكد الرئيس السيسي أن التحرك المصري منذ البداية كان إنسانيًا ومسؤولًا، قائلاً: “منذ اليوم الأول كان هدفنا إدخال المساعدات، ووقف القتال، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى”.

وأشار إلى أن مصر ساهمت بأكثر من 70 إلى 80% من المساعدات التي دخلت غزة خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أن إعادة الإعمار ستتطلب جهودًا دولية ضخمة نظرًا لحجم الدمار الكبير الذي طال أكثر من 200 ألف منزل ومنشأة ومدرسة ومستشفى.

أشاد السيسي بـ دور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إنهاء الحرب، مؤكدًا ثقته في عزيمته وقدرته على إحلال السلام، وقال إن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق سراح الأسرى، وتوسيع دخول المساعدات، تمهيدًا لإعادة الإعمار الشامل.

من جانبه، أوضح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في تصريحات لشبكة CBS أن تكلفة إعادة إعمار غزة تُقدَّر بنحو 50 مليار دولار، مؤكدًا أن عملية جمع التمويل ستتم بسرعة بمشاركة دولية واسعة.

أكد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، أن مصر تعمل على حشد الدعم الدولي للمؤتمر، في إطار رؤية متكاملة للتعافي المبكر وإعادة البناء، بما يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ويدعم خطط التنمية المستدامة في القطاع.

وفي السياق ذاته، تستعد نقابة المهندسين واتحاد المقاولين المصريين للمشاركة في تنفيذ مشروعات الإعمار، حيث تم إعداد مخطط هندسي شامل بإشراف المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين، يشمل إنشاء مساكن مؤقتة ثم إعادة بناء المدن المدمرة وفق المعايير الدولية.

وأكد المهندس محمد سامي رئيس اتحاد المقاولين أن الركام في غزة يُقدر بـ50 مليون طن، ما يتطلب إعادة تخطيط شامل قبل بدء التنفيذ، مشيرًا إلى أن تمويل المشروعات سيكون دوليًا بمشاركة مؤسسات كبرى مثل البنك الدولي والبنك الأوروبي والآسيوي.

كما أشار المهندس كمال شاروبيم إلى أن المكاتب الاستشارية المصرية أبدت استعدادها للتنازل عن جزء من أرباحها، بل والعمل بالتكلفة فقط دعمًا للشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن الإعمار “ليس مجرد مشروع اقتصادي، بل مهمة قومية وإنسانية”.

بهذا التحرك المتكامل، تؤكد مصر مجددًا دورها الريادي في المنطقة كـ قلب العروبة النابض، وصاحبة المبادرات الإنسانية والسياسية التي تستهدف السلام الدائم والتنمية الحقيقية في غزة، لتتحول من رمز للصمود إلى نموذج للأمل والبناء.