5 أكتوبر 2025 13:25
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

القطار الكهربائي السريع.. شريان التنمية الجديد الذي يعيد رسم خريطة مصر السكانية والاقتصادية

في واحدة من أكثر خطوات التنمية طموحًا في تاريخ مصر الحديث، يخطو مشروع القطار الكهربائي السريع بثبات ليصبح العمود الفقري لشبكة النقل القومية الجديدة، ومفتاحًا لإعادة توزيع السكان وخلق محاور عمرانية وصناعية وزراعية وسياحية غير مسبوقة، تمتد من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، ومن قلب الصعيد إلى أقصى الجنوب.

المشروع، الذي يُعد أحد أضخم المشروعات القومية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، يضم ثلاثة خطوط رئيسية بطول إجمالي يتجاوز 2000 كيلومتر، يجري تنفيذ أول خطين منها حاليًا بنسبة إنجاز بلغت 67% في الخط الأول، وفقًا لتصريحات الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل.

الخط الأول: من السخنة إلى مطروح.. شريان البحرين الأحمر والمتوسط

يمتد الخط الأول للقطار الكهربائي السريع (السخنة – الإسكندرية – العلمين – مطروح) بطول نحو 660 كيلومترًا، ويمر بـ 21 محطة تشمل 8 محطات إقليمية و13 محطة سريعة، ليربط بين ساحلي البحرين الأحمر والمتوسط عبر العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الحديثة.

ويضم المشروع أنواعًا مختلفة من القطارات تناسب طبيعة الاستخدام:

القطار فائق السرعة بسرعة 250 كم/ساعة

القطار الإقليمي بسرعة 160 كم/ساعة

قطار البضائع بسرعة 120 كم/ساعة

كما يشمل إنشاء ورشة عملاقة بمنطقة حدائق أكتوبر على مساحة 2.5 مليون متر مربع لأعمال الصيانة الشاملة، إلى جانب ثلاث نقاط صيانة خفيفة بالعاصمة الإدارية وبرج العرب ومطروح، في خطوة تعكس الجاهزية التشغيلية والتكنولوجية للمشروع.

الخط الثاني: من العياط إلى أبو سمبل.. خط التنمية المتكاملة

يمتد الخط الثاني بطول 1100 كيلومتر غرب طريق الصعيد الصحراوي الغربي، ويضم 36 محطة (10 سريعة و26 إقليمية)، ليخدم 15 مدينة جديدة من مدن الجيل الرابع، من بينها:

بني سويف الجديدة، الفيوم الجديدة، المنيا الجديدة، ملوي الجديدة، أسيوط الجديدة، مدينة ناصر، سوهاج الجديدة، الأقصر الجديدة، أسوان الجديدة، وتوشكي.

ولا يقتصر دوره على نقل الركاب فحسب، بل يربط مناطق التنمية الزراعية الكبرى مثل “غرب المنيا” و”مستقبل مصر” و”توشكي” بمحاور الاستهلاك وموانئ التصدير، ما يجعل منه شريانًا حيويًا لدعم الأمن الغذائي والصناعي لمصر.

الخط الثالث: من قنا إلى الغردقة وسفاجا.. بوابة البحر الأحمر

يتقاطع الخط الثالث مع الخط الثاني عند محطة قنا، ليمتد شرقًا نحو ميناء سفاجا ومدينة الغردقة بطول يقارب 175 كيلومترًا، ويتضمن ثلاث محطات، منها محطتان فائق السرعة ومحطة إقليمية واحدة، ليصبح الربط بين الصعيد والساحل الشرقي أسرع وأكثر كفاءة في تاريخ النقل المصري.

رؤية متكاملة لممر التنمية

وأكد الفريق كامل الوزير أن مسار الخطين الأول والثاني يتطابق مع مخطط “ممر التنمية” الذي اقترحه العالم المصري الدكتور فاروق الباز، والذي يهدف إلى إنشاء محور عمراني وزراعي يمتد لأكثر من 1200 كيلومتر من الإسكندرية إلى أبو سمبل، يستوعب ما يزيد على 20 مليون مواطن، ويوفر مئات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

وأضاف الوزير أن المشروع يحقق نقلة نوعية في التحول نحو النقل الأخضر، من خلال الاعتماد على الطاقة الكهربائية النظيفة، بما يسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتخفيف الضغط على شبكة الطرق التقليدية، فضلًا عن دوره في تنشيط السياحة الداخلية وربط المناطق الثقافية والتاريخية بالساحلية والترفيهية في مسار واحد.

يمثل القطار الكهربائي السريع نقطة تحول استراتيجية في بنية الاقتصاد الوطني، فهو لا يربط المدن فحسب، بل يوصل فرص التنمية والإنتاج إلى كل أقاليم الدولة، من سيناء شرقًا إلى واحات الصحراء الغربية جنوبًا، في إطار رؤية مصر 2030 لبناء شبكة نقل ذكية ومستدامة تعزز جودة الحياة وتدعم تنافسية الدولة عالميًا.

ومع اكتمال تنفيذ الخطوط الثلاثة، ستصبح مصر الدولة الأولى في أفريقيا والشرق الأوسط التي تمتلك شبكة قطارات كهربائية فائقة السرعة متكاملة، تُسهم في توزيع التنمية بشكل عادل، وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار، وتربط بين الماضي المجيد والمستقبل الواعد بخطوط من الصلب والإرادة.