الهجوم على الدوحة يعيد إلى الواجهة رؤية السيسي لتأسيس قوة عربية موحدة
لحماية الأمن القومي

في لحظة مشحونة بالقلق والتساؤلات، فجّر الهجوم الإسرائيلي الأخير على العاصمة القطرية الدوحة جدلاً واسعًا حول مستقبل الأمن القومي العربي، وأعاد إلى الأذهان تدوينة قديمة للرئيس عبد الفتاح السيسي نشرها عام 2015، دعا فيها إلى تشكيل قوة عربية موحدة تكون درعًا جماعيًا في مواجهة التهديدات الخارجية.
هذا التفاعل الكثيف على منصات التواصل الاجتماعي كشف عن شعور متنامٍ بأن ما كان يُنظر إليه قبل عقد من الزمن كرؤية استباقية، أصبح اليوم ضرورة وجودية.
ترجع ملامح المشروع إلى قمة شرم الشيخ عام 2015، عندما طرح السيسي مبادرته في ظل اشتعال المنطقة بتهديدات الإرهاب وتمدد داعش، إضافة إلى أزمات ليبيا واليمن وسوريا.
آنذاك، حظيت المبادرة بتأييد واسع، وشُكّلت لجنة من رؤساء أركان الجيوش العربية لوضع تصور عملي، غير أن خلافات حول تعريف “الخطر الأول” (الإرهاب، التمدد الإيراني، أم إسرائيل) أوقفت المشروع عند حد الفكرة.
المخطط كان يستهدف تأسيس قوة قوامها ما بين 40 و50 ألف جندي، مزودين بأحدث الأسلحة والطيران الهجومي ووحدات انتشار سريع، على أن تُدار من مركز قيادة في مصر، مع صلاحية التدخل السريع في أي دولة عربية تتعرض لتهديد مباشر، في رسالة واضحة للعالم بأن العرب قادرون على حماية أمنهم القومي دون الاعتماد الكامل على التحالفات الخارجية.
الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطر، الدولة التي لعبت دور الوسيط في ملفات إقليمية حساسة، جعل دعوة السيسي تبدو أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
فالمصريون وغيرهم من الشعوب العربية رأوا أن غياب القوة المشتركة هو ما سمح لإسرائيل بتوسيع عملياتها بلا خشية من رد جماعي.
رغم إلحاح اللحظة، تبقى العقبات القديمة قائمة: خلافات حول تعريف العدو المشترك، حساسيات السيادة الوطنية، معضلة التمويل، وصراع النفوذ بين القوى العربية الكبرى. كما أن ارتباط بعض الدول بتحالفات مع قوى خارجية مثل الولايات المتحدة وتركيا وإيران يعقد فرص بناء جبهة عربية موحدة.
فاجتماع الدوحة المرتقب قد يمثل فرصة تاريخية لإعادة فتح الملف، خصوصًا مع ازدياد المخاطر الخارجية. فبينما يعتبر البعض تدوينة السيسي رؤية استشرافية تحققت ملامحها اليوم.
تعليقات 0