19 سبتمبر 2025 02:10
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

بريجيت ماكرون تواجه نظريات المؤامرة بالأدلة العلمية أمام القضاء الأميركي

في تصعيد جديد لقضية أثارت جدلاً واسعاً على جانبي الأطلسي، تستعد بريجيت ماكرون السيدة الأولى لفرنسا لتقديم أدلة علمية وصور فوتوغرافية لإثبات هويتها أمام القضاء الأميركي، وذلك في إطار الدعوى التي أقامتها مع زوجها الرئيس إيمانويل ماكرون ضد المذيعة اليمينية المتطرفة كانديس أوينز، التي روجت منذ عام 2024 لنظرية مؤامرة تزعم أن بريجيت وُلدت ذكراً

القضية بدأت حينما أطلقت أوينز، المعروفة بخطابها اليميني المتشدد، سلسلة من الفيديوهات عبر “يوتيوب” وحلقات بودكاست تابعتها ملايين المشاهدين، ادعت فيها أن السيدة الفرنسية الأولى في الحقيقة رجل، مؤكدة أنها مستعدة للمراهنة على سمعتها المهنية بأكملها لإثبات ذلك. لم تكتف أوينز بهذا الحد، بل ذهبت إلى حد القول في مقابلة تلفزيونية إن وفاة بريجيت ماكرون قد “يجري تلفيقها” قبل أن تبلغ القضية مرحلة تبادل الأدلة أمام المحكمة، وهو تصريح اعتبر صادماً حتى في أوساط معارضي الرئيس الفرنسي

في مواجهة هذه المزاعم، بادر الزوجان ماكرون برفع دعوى قضائية في يوليو الماضي أمام محكمة بولاية ديلاوير الأميركية، اتهما فيها أوينز بنشر “أكاذيب خيالية ومسيئة وبعيدة من المنطق” أدت إلى “موجة تشهير عالمية” و”تنمر متواصل”.

وأكد محامي العائلة الرئاسية، توم كلير، أن فريقه القانوني على استعداد لتقديم “شهادات خبراء” ذات طبيعة علمية وصور موثقة، دون أن يكشف عن تفاصيل الأدلة، مشدداً على أن الهدف هو وضع حد نهائي لهذه الشائعات

ورغم الإجراءات القانونية المعلنة، واصلت أوينز تمسكها بمزاعمها، بل نشرت مقطعاً جديداً عبر قناتها على “يوتيوب” زعمت فيه أنها منحت الرئيس الفرنسي وزوجته عدة فرص للرد أو تقديم أدلة مضادة لكنهما لم يستجيبا.

تصريحاتها هذه لم تثنِ بريجيت ماكرون عن المضي في مسارها القانوني، حيث أكد محاميها أن السيدة الأولى “مستعدة لتحمل عبء كشف الحقائق علناً” رغم ما يسببه ذلك من إزعاج شخصي بالغ

تأثير هذه القضية لم يقتصر على بريجيت وحدها، إذ أشار المحامي إلى أن الرئيس ماكرون يعتبر ما يحدث “تشتيتاً غير مرغوب فيه”، موضحاً أن استهداف الأسرة يترك أثراً ثقيلاً حتى على رؤساء الدول الذين يحاولون الفصل بين مسؤولياتهم العامة وحياتهم الخاصة.

وقد رأى مراقبون أن القضية تعكس الوجه المتطرف من حملات الإعلام الرقمي التي تستهدف الشخصيات العامة عبر نظريات مؤامرة تستغل منصات التواصل الاجتماعي لتحقيق انتشار واسع

جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها بريجيت ماكرون ادعاءات مشابهة، فقد حصلت العام الماضي على تعويض مالي قدره 6750 جنيهاً استرلينياً بعد أن اتهمتها ناشطتان فرنسيتان بأنها متحولة جنسياً، كما ألزم القضاء حينها الناشطتين بدفع تعويضات إضافية لشقيقها جان-ميشيل ترونيو بعد أن ادعتا أنه انتحل شخصيتها

القضية الحالية تتجاوز حدود فرنسا لتصبح اختباراً لعصر الإعلام الرقمي في قدرته على تضخيم الشائعات وتحويلها إلى قضية رأي عام عالمي، وهو ما دفع محللين إلى اعتبارها مواجهة بين مؤسسة رئاسية أوروبية بارزة وأحد أبرز وجوه الإعلام اليميني المتطرف في الولايات المتحدة.

وبينما يستعد القضاء الأميركي للنظر في الأدلة خلال الأشهر المقبلة، يبقى التساؤل قائماً حول مدى قدرة القانون على ردع الحملات الإعلامية العابرة للحدود، خصوصاً تلك التي تتغذى على الفضائح ونظريات المؤامرة

بهذا تتحول قضية بريجيت ماكرون من مجرد إشاعة إلى معركة قانونية وإعلامية كبرى، تكشف هشاشة الحدود بين الحياة الخاصة للشخصيات العامة وضراوة الحملات التي تستهدفها، وتعيد طرح أسئلة كبرى حول أخلاقيات الإعلام ومسؤولية المنصات الرقمية في عصر المعلومات المضللة