تصدع التحالف: ترامب يشعل خلافات حادة مع مودي ويدفع الهند شرقاً

انزلقت العلاقات الأميركية – الهندية إلى منعطف خطير بعد أن صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياساته الاقتصادية ضد نيودلهي، فارضاً تعريفات جمركية وصلت إلى 50% على الصادرات الهندية، الأمر الذي اعتبره مراقبون بمثابة حرب تجارية مفتوحة مع حليف استراتيجي لطالما راهنت عليه واشنطن لموازنة نفوذ الصين. هذا التصعيد فتح الباب أمام تقارب أكبر بين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ، في مشهد حمل دلالات سياسية عميقة على إعادة رسم التحالفات في آسيا.
المواجهة لم تتوقف عند حدود الاقتصاد، بل امتدت إلى السياسة والدبلوماسية، حين أثار ترمب غضب مودي بإصراره على أنه أنهى نزاعاً عسكرياً بين الهند وباكستان عبر مكالمة هاتفية، بل وذهب إلى حد التلميح بترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام. موقف مودي جاء حاسماً، مؤكداً أن بلاده ترفض أي وساطة أجنبية في صراعها المزمن مع إسلام آباد، في إشارة واضحة إلى رفضه محاولات واشنطن فرض أجندتها على القرار الهندي.
وبينما كان ترمب يُستقبل في الهند سابقاً بالاحتفالات الضخمة من خلال شعارات مثل “هاودي مودي” و”ناماستي ترمب”، تبدل المشهد اليوم جذرياً، حيث تحوّل في بعض الأوساط إلى رمز للإذلال الوطني. ففي ولاية ماهاراشترا نُصبت دمية ضخمة تمثل ترمب كإشارة إلى “طعنة في الظهر”، فيما وصف مسؤولون هنود سياساته بأنها “تنمر سياسي” و”بلطجة اقتصادية”.
وبالتوازي مع هذه الأجواء المشحونة، أعلن مودي انسحابه من اجتماع “الرباعية” (كواد) التي تضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، في خطوة اعتُبرت بمثابة رسالة قوية بأن الهند بصدد إعادة تموضع استراتيجي نحو محور موسكو – بكين. هذا التحول يعكس خيبة أمل عميقة من السياسات الأميركية ويؤكد أن نيودلهي لن تقبل أن تُعامل كطرف ضعيف أو تابع.
وتشير تحليلات دولية إلى أن الصراع بين الزعيمين الشعبويين ترمب ومودي يكشف عن تناقضات جوهرية: الأول يبحث عن إنجاز خارجي يلمع صورته داخلياً، بينما الثاني يدافع بشراسة عن السيادة الوطنية والمكانة الإقليمية للهند. وفي ظل استمرار الحرب التجارية وغياب الثقة السياسية، يبدو أن بوصلـة نيودلهي تميل أكثر نحو الشرق، لتعيد تشكيل معادلة التوازنات في آسيا والعالم.
تعليقات 0