تنسيق مصري روسي لمواجهة أزمات غزة وليبيا والسودان

في ظل تعقيدات إقليمية متلاحقة وتحوّلات دولية متسارعة، تواصل مصر وروسيا تعزيز شراكتهما السياسية والدبلوماسية عبر تنسيق وثيق ومشاورات متواصلة شملت القضايا الأكثر اشتعالًا في المنطقة.
وخلال السنوات العشر الأخيرة، برز هذا التعاون بوضوح في الاتصالات المكثفة بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الروسي سيرجي لافروف، والتي شملت ملفات غزة وليبيا والسودان، وصولًا إلى أحدث مشاورة جرت بينهما هذا الأسبوع.
غزة.. توافق مصري روسي لإحياء المسار السياسي وإعادة الإعمار
تعكس المواقف الروسية تقديرًا واضحًا للدور المركزي الذي تقوم به مصر في إدارة أزمة غزة، خصوصًا جهودها المستمرة لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب التي تجاوزت عامين من العنف والدمار.
وأشاد مسؤولون روس مرارًا بجهود القاهرة، كان آخرها إشادة نائب رئيس اللجنة الروسية للتضامن مع شعوب أفريقيا وآسيا خلال زيارته الشهر الماضي، مؤكدًا دعم موسكو للمبادرات المصرية، وعلى رأسها قمة شرم الشيخ للسلام.
وفي الاتصال الأخير بين عبد العاطي ولافروف، جرى بحث سبل تثبيت اتفاق شرم الشيخ، مع تأكيد مصر ضرورة تنفيذ بنود الخطة التي تُعد مسارًا عمليًا لإقامة الدولة الفلسطينية.
وأعرب لافروف عن توافق موسكو الكامل مع الرؤية المصرية، مشددًا على أهمية حل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق تسوية دائمة.
كما تحظى جهود مصر في إعادة إعمار غزة بدعم روسي واضح، إذ تستضيف القاهرة هذا الشهر مؤتمرًا دوليًا موسّعًا يهدف إلى إعادة تأهيل القطاع وإعادة الحياة لملايين الفلسطينيين المتضررين.
ليبيا.. رؤية مشتركة لمنع الانقسام وعودة المؤسسات الموحدة
تُعد ليبيا أحد أبرز محاور التعاون الاستراتيجي بين مصر وروسيا، إذ يجمع البلدين إدراكٌ عميق بخطورة الفراغ السياسي والعسكري الذي تعيشه البلاد منذ 2011.
وتؤمن القاهرة وموسكو بأن استقرار ليبيا هو مدخل أساسي لأمن المنطقة، وهو ما ينعكس في موقفهما الرافض لتقسيم الدولة ودعمهما لمؤسساتها الوطنية الموحدة.
ويؤكد البلدان ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل يجمع كل الأطراف، وتوحيد الترتيبات الأمنية، ومنع تمدد الميليشيات المتطرفة، وضبط حدود ليبيا التي تُعد شريانًا مهمًا للأمن الإقليمي.
كما يعد استقرار ليبيا مصلحة قومية لمصر وروسيا على حد سواء، بما يعزز دورهما في صياغة التوازنات في شمال أفريقيا.
السودان.. توافق على رفض الفوضى ودعم وحدة الدولة
وفي الملف السوداني، تتلاقى الرؤية المصرية الروسية عند مبدأ الحفاظ على وحدة السودان ورفض إقامة أي «كيانات موازية» تهدد الدولة.
وأكد عبد العاطي خلال اتصاله الأخير مع لافروف أن مصر تواصل العمل عبر الآلية الرباعية لتحقيق هدنة شاملة، مع إدانة الانتهاكات في مدينة الفاشر، والتأكيد على ضرورة فتح ممرات إنسانية لتوصيل المساعدات.
ومن جانبها، ترى روسيا أن الاستقرار في السودان ضروري لمنع امتداد الفوضى في الإقليم، ما يعزز وحدة الموقف بين البلدين تجاه هذا الملف الحساس.
يُظهر المشهد الراهن أن التعاون المصري الروسي بات يشكّل محورًا مهمًا في إدارة الأزمات الإقليمية، اعتمادًا على رؤية مشتركة تقوم على دعم الاستقرار والحلول السياسية، وتعزيز حضور البلدين في معادلات الأمن الإقليمي والدولي.


تعليقات 0