14 يوليو 2025 06:02
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

حريق سنترال رمسيس يعطّل “تحاليل الزواج”.. مواطنون على أعتاب الانهيار

"الفرح هيتأجل والبيت هيتخرب"

في مشهد يكشف هشاشة الاعتماد الكامل على الرقمنة دون وجود بدائل طارئة، تسبب حريق سنترال رمسيس في شلل تام لعدد من المؤسسات الحكومية والخدمية، ما أدى إلى تعطيل مصالح المواطنين وتركهم في مواجهة مصيرهم، خاصة المقبلين على الزواج الذين أصبحت تحاليل الزواج بالنسبة لهم أزمة تهدد استقرار حياتهم الشخصية.

تحاليل الزواج

تحت ضغط المواعيد المسبقة والتكاليف الباهظة، يقف العديد من الشباب في مواجهة مستحيلة.

س.م (36 عامًا) أحد هؤلاء، ذهب في التاسعة صباحًا يوم الاثنين 7 يوليو إلى مركز زنين للرعاية الأولية لإجراء تحاليل الزواج، ففوجئ بأن المركز قد أنهى العمل اليوم بعد تسجيل 20 شخصًا فقط.

قيل له بوضوح: “احضر الساعة 6 صباحًا غدًا.. عشان تلحق دورك”. وبالفعل حضر مبكرًا في اليوم التالي، وانتظر حتى التاسعة والنصف صباحًا، فقط ليُبلغه الموظفون أن “السيستم واقع بسبب الحريق”.

حريق سنترال رمسيس يعطّل "تحاليل الزواج".. مواطنون على أعتاب الانهيار - 1 - سيناء الإخبارية

المأساة تكررت في مراكز أخرى، منها ميت عقبة والفجالة، حيث اصطدم س بمبررات غريبة: “جيت متأخر”، “السيستم واقع”، “مفيش كروت المبادرة”.

يقول س.م بأسى: “كل يوم مركز، وكل يوم عذر.. وأنا فرحي بعد أيام قليلة. طيب أعمل إيه؟”.

لم يكن س وحده.آ.ع، شابة كانت تأمل في إنهاء التحاليل مع خطيبها، تقول إنها ذهبت إلى مركز الأميرية، لتُفاجأ بأن أدوات التحليل غير متوفرة. وعندما عرضت شراءها من الخارج، جاءها الرد: “مش هينفع، الكروت مش موجودة علشان نسجل النتيجة أصلاً”.

حاولت آ.ع التوجه إلى مركز سراي القبة، لكنها قوبلت برد صارم: “العدد مكتمل.. ارجعي بكرة”.

تصرخ بحزن: “كل يوم مركز وكل يوم رفض.. والفرح قرب ومش عارفة أعمل إيه؟”.

شكاوى بلا جدوي

يقول س: “قدّمت شكوى لمجلس الوزراء بعد المعاناة، وردوا عليّ بعد 72 ساعة.. ووقتها كنت في مركز الفجالة اللي رفض يعمل لي التحليل برضو، ومشكلتي ما اتحلتش”.

يُكمل بغضب:”حتى لو الموظف اتعاقب، أنا مصلحتي ضاعت! إجازات شغلي خلصت.. ولو المأذون رفض كتابة العقد بدون الشهادة، يبقى بيتي اتخرب حرفيًا”.

حريق سنترال رمسيس يعطّل "تحاليل الزواج".. مواطنون على أعتاب الانهيار - 3 - سيناء الإخبارية

رجب من بني سويف استعاد تجربة مشابهة حدثت معه قبل عامين، حين اضطر للانتقال بين المراكز بعد أن أخبروه أن الأدوات غير متوفرة.

وبعد إجراء التحليل، فوجئ باتصال يطالبه بالعودة لأن “العينة مش كفاية”!

اضطر للحصول على إجازة جديدة وتأجيل موعد عقد القران.

حاولنا التواصل مع المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور خالد عبد الغفار، الذي رد بجملة واحدة: “معنديش مكان السيستم مش شغال فيه”.

أما نقيب المأذونين، فقد ظل هاتفه مغلقًا حتى لحظة إعداد هذا التقرير، رغم أن مصير العديد من عقود الزواج بات معلقًا بسبب تلك الشهادة الصحية.

حريق سنترال رمسيس يعطّل "تحاليل الزواج".. مواطنون على أعتاب الانهيار - 5 - سيناء الإخبارية

في المقابل، اكتفى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بتقديم تعويضات بسيطة لمتضرري الإنترنت، عبارة عن:

10 جيجابايت للإنترنت المنزلي

5 جيجابايت للمحمول

1 جيجابايت لخطوط الموبايل الأخرى

لكن ماذا عن من ضاعت مواعيد زفافهم؟ من يعوّض آلاف الجنيهات التي دُفعت في القاعات والكوافير وفستان العروس؟

ومن يعوّض مشاعر الانكسار التي تصاحب فشل إتمام زواج طال انتظاره بسبب عجز رقمي غير مُدار؟

ما حدث بعد حريق سنترال رمسيس لم يكن مجرد عطل فني، بل كشف هشاشة في منظومة الخدمات الرقمية التي تربط مصير المواطنين بشهادة لا تُستخرج.

أزمة تحاليل الزواج أصبحت عرضًا مستمرًا، والبيت الذي حلم به الكثيرون مهدد بالانهيار قبل أن يُبنى.