31 أكتوبر 2025 23:16
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

حكاية المتحف المصري الكبير .. فكرة مشروع تحولت إلى أعظم صروح الحضارة في القرن الحالي

بعد مسيرة امتدت لأكثر من عقدين من التخطيط والإنشاء والتأجيلات المتتالية، تستعد مصر لفتح أبواب واحد من أضخم المشاريع الحضارية في تاريخها الحديث المتحف المصري الكبير صرح أثري وثقافي وترفيهي ينتظر أن يغير شكل السياحة في البلاد، ويضع القاهرة مجددا في مقدمة عواصم التراث العالمية، مع افتتاح رسمي بحضور قادة وزعماء ونجوم عالميين، ووسط آمال بأن يصبح أيقونة الجذب السياحي الأولى في المنطقة.

أتمت مصر الاستعدادات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير، في حدث عالمي مرتقب يشارك فيه ملوك ورؤساء حكومات وشخصيات دولية بارزة، ليبدأ المتحف رسميا رحلته كأكبر متحف للحضارة المصرية القديمة في العالم.

تعود فكرة المشروع إلى التسعينيات، قبل أن تتحول إلى مشروع ملموس عام 2002، حين وضع الرئيس الراحل حسني مبارك حجر الأساس بالقرب من هضبة الأهرامات، المشروع مر بمحطات طويلة، وتعثرات سياسية وتأجيلات، لكنه اليوم يقترب من لحظة فارقة بتاريخ الآثار المصرية.

يقام المتحف على مساحة تقارب نصف مليون متر مربع، تطل مباشرة على أهرامات الجيزة، وتحيط به حدائق تمتد على 120 ألف متر، ويضم 12 قاعة عرض شاسعة تغطي مختلف عصور التاريخ المصري، وتتجاوز مساحة كل قاعة مساحة العديد من المتاحف المستقلة حول العالم.

وتؤكد وزارة السياحة والآثار أن المتحف سيقدم لأول مرة العرض الكامل لكنوز الملك توت عنخ آمون منذ اكتشاف مقبرته عام 1922، إضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس ومتحف مراكب خوفو ومقتنيات من عصور ما قبل الأسرات وحتى العهود اليونانية والرومانية.

ولتحقيق معايير صديقة للبيئة، حصل المتحف العام الماضي على شهادة “Edge Advance” الدولية للمباني الخضراء، كأول متحف في إفريقيا والشرق الأوسط ينال هذا التصنيف، بفضل استخدام الطاقة النظيفة والخلايا الشمسية ونظم الإضاءة والتهوية الطبيعية.

بعد تعطل مؤقت عقب أحداث 2011، عاد المشروع للحياة مرة أخرى مع إعادة تشغيله في 2014، وشملت مراحل التنفيذ إنشاء مركز ضخم لترميم الآثار، ونقل التمثال الشهير للملك رمسيس الثاني إلى داخل المتحف عام 2018، ليصبح أول قطعة تستقر رسميا في أروقته، وفي 2021 اكتملت أعمال البناء، لتبدأ بعدها مرحلة التشغيل التجريبي في أكتوبر 2024.

وكان من المقرر افتتاح المتحف رسميا في يوليو 2025، غير أن التوترات الإقليمية الناتجة عن الحرب بين إسرائيل وإيران دفعت مصر لتأجيل الموعد إلى الأول من نوفمبر 2025.

في الوقت الحالي، يسمح المتحف بعدد محدود من الزيارات داخل منطقة الخدمات والبهو العظيم والمسلة المعلقة. ويمكن للزوار مشاهدة تمثال رمسيس الثاني وقطع أثرية من العصر البطلمي وعمود النصر، بينما تظل قاعات العرض المتحفي الرئيسية مغلقة حتى لحظة الافتتاح الرسمي.

وتتوقع الحكومة المصرية أن ينعكس الافتتاح الضخم على قطاع السياحة بشكل ملموس، خاصة مع معدلات إنفاق أعلى للسائح المهتم بالثقافة والتراث، وتشير التقديرات إلى أن المتحف وحده قد يضيف ما يصل إلى 7 ملايين سائح سنويا، بما يرفع العدد الإجمالي المتوقع للزوار إلى 30 مليون بحلول عام 2030.

ولخلق بيئة مهيأة لاستقبال هذا التدفق، قامت الدولة بتطوير شبكة الطرق المؤدية للمتحف، وافتتحت مطار سفنكس الدولي على بعد 25 كيلومترا لتخفيف ضغط الحركة داخل القاهرة، كما أعلنت وزارة السياحة عن إضافة 5 آلاف غرفة فندقية جديدة، مع خطط لإضافة 9 آلاف أخرى بنهاية العام.

ويراهن الخبراء على أن العرض المتحفي الجديد، الذي يستخدم تقنيات الواقع الافتراضي وأساليب تفاعلية غير مسبوقة في مصر، سيعيد تقديم التاريخ المصري بصورة عصرية تنافس أكبر المتاحف العالمية، ويمنح القاهرة موقعا استثنائيا على خريطة السياحة الثقافية الحديثة.