خطة ترامب لغزة بين إنهاء الحرب وشبهة الوصاية الدولية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة من عشرين بندًا لوقف الحرب في غزة وإعادة إعمار القطاع، تضمنت ترتيبات مثيرة للجدل حول إدارة ما بعد الصراع، من أبرزها انسحابًا تدريجيًا لإسرائيل وتشكيل مجلس دولي يقوده رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير ويضم شخصيات غير فلسطينية، بينهم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، وهو ما أثار مخاوف من فرض وصاية دولية تحد من السيادة الفلسطينية
الخطة التي صيغت بمساهمة بارزة من بلير وصهر ترامب جاريد كوشنر، أبقت الباب مفتوحًا أمام إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلًا، لكنها ربطت ذلك ببرنامج إصلاح للسلطة الوطنية الفلسطينية وبجدول زمني غامض.
كما نصت على وقف فوري لإطلاق النار وتجميد خطوط القتال في مواقعها الحالية، مع إلزام حركة حماس بتسليم الرهائن وإطلاق سراح الأسرى ونزع سلاحها بشكل كامل مقابل انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع
وقد لقيت الخطة دعمًا إسرائيليًا رفيع المستوى إلى جانب تأييد وزراء خارجية السعودية والأردن والإمارات وقطر ومصر وتركيا وباكستان وإندونيسيا، إضافة إلى السلطة الفلسطينية التي اعتبرتها فرصة لوقف نزيف الدماء.
بينما رأى مراقبون فلسطينيون أن البنود المتعلقة بمنع التهجير وإعادة الإعمار والانسحاب التدريجي من غزة تمثل مكاسب مهمة ينبغي البناء عليها
لكن الانتقادات لم تغب، إذ اعتبر مسؤولون أمميون سابقون وكتاب إسرائيليون أن المقترح يعيد إنتاج نموذج الوصاية الاستعمارية القديمة، مشيرين إلى أن غياب السيادة الفلسطينية الحقيقية يفرغ الخطة من مضمونها ويعامل الفلسطينيين كأمة قاصرة تحتاج إلى إدارة أجنبية.
وذهب بعضهم إلى وصفها بأنها محاولة أمريكية لإعادة صياغة الاحتلال بشكل جديد يمنع أي مقاومة مستقبلية
في المقابل، اعتبر باحثون فلسطينيون أن التركيز على الجانب الدولي في إدارة غزة تبسيط مخل، مؤكدين أن أهم ما تحمله الخطة هو وقف الحرب وتهيئة الظروف للعودة إلى مسار حل الدولتين عبر إصلاح النظام السياسي الفلسطيني وإجراء انتخابات جديدة. واعتبروا أن الدعم الدولي والإقليمي للخطة يمنحها زخمًا لا يجب تفويته
أما داخل إسرائيل، فقد شن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش هجومًا حادًا على المقترح واصفًا إياه بـ”الفشل السياسي” والعودة إلى مفاهيم قديمة تتجاهل دروس السابع من أكتوبر، في وقت يرى فيه اليمين الإسرائيلي أن أي وجود لمجلس دولي في غزة سيقيد حرية تل أبيب ويعطل خططها الأمنية، مفضلًا بدلاً من ذلك تفتيت القطاع إلى مناطق نفوذ داخلية أشبه بنموذج “الصوملة”
وبينما يستمر الجدل حول البنود وتفاصيل التنفيذ، يبقى جوهر الخطة قائمًا على محاولة إنهاء الحرب وتثبيت تهدئة شاملة، مع ربط مستقبل غزة بمسار سياسي أوسع قد يفتح الباب أمام دولة فلسطينية، أو يرسخ وصاية دولية طويلة الأمد على القطاع
تعليقات 0