22 ديسمبر 2025 23:25
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

دخان وبطاطس في قلب أوروبا: مزارعون يشلون بروكسل احتجاجا على اتفاق ميركوسور وسط انقسام أوروبي حاد

تحولت شوارع العاصمة البلجيكية بروكسل إلى ساحة صراع مفتوحة بين المزارعين الأوروبيين والسلطات الأوروبية، حيث خرج آلاف المزارعين بجراراتهم في احتجاجات حاشدة ضد اتفاق التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل ميركوسور، في مشهد أعاد إلى الأذهان أسوأ لحظات التوتر الاجتماعي في القارة.

جرارات واحتجاجات واسعة في قلب العاصمة

شارك في الاحتجاجات نحو 8 آلاف مزارع وأكثر من 500 جرار زراعي، ما أدى إلى شلل شبه كامل في وسط بروكسل، بالتزامن مع انعقاد اجتماعات قادة الاتحاد الأوروبي.

تصاعد الدخان في الشوارع، وتطايرت البطاطس والعبارات الغاضبة تجاه قوات الأمن، وسط شعارات تندد بما وصفه المزارعون بـ«بيع الزراعة الأوروبية».
الغضب من اتفاق ميركوسور

يركز غضب المزارعين على اتفاق ميركوسور، الذي يضم الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروجواي، ويهدف لتسهيل دخول المنتجات الزراعية الأمريكية اللاتينية إلى الأسواق الأوروبية.

وحذر المزارعون، لا سيما في فرنسا وبلجيكا، من غمر السوق الأوروبية بمنتجات أرخص لا تتوافق مع المعايير البيئية والصحية الصارمة، ما قد يؤدي إلى إفلاس آلاف المزارع العائلية. وامتدت الاحتجاجات لتشمل السياسات الزراعية الأوروبية بالكامل، لا سيما تقليص الدعم المالي ضمن ميزانية السياسة الزراعية المشتركة.

وقال المزارع البلجيكي ماكسيم مابيل: “نحن هنا لنقول لا لميركوسور، أوروبا تتحول إلى ديكتاتورية تفرض قراراتها دون الاستماع للمزارعين”، متهمًا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بمحاولة تمرير الاتفاق بالقوة السياسية.

انقسام أوروبي وتأجيل التوقيع

كان من المقرر توقيع الاتفاق في فوز دو إيجواسو بالبرازيل، لكن فرنسا وإيطاليا طالبتا بتأجيله، لتنضم إليهما لاحقًا المجر وبولندا، ما أفشل حصول الاتفاق على الأغلبية المطلوبة.

وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن بلاده لن تدعم الاتفاق دون ضمانات لحماية المزارعين الفرنسيين. وفي ظل الانقسام، أعلنت فون دير لاين تأجيل التوقيع إلى يناير، في خطوة اعتبرها محللون ضربة سياسية للمفوضية الأوروبية.

مواجهات في الشوارع

لم تخلُ الاحتجاجات من التوتر، إذ ألقى المتظاهرون قنابل دخان وبطاطس تجاه قوات الأمن، التي ردت باستخدام الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه. هذا التصعيد جاء في وقت حساس أثناء مناقشات القادة الأوروبيين حول التجارة والسياسات الزراعية، ما جعل الرسائل الموجهة للمفوضية الأوروبية واضحة وحادة.

أزمة زراعة ممتدة وتحديات مستقبلية

يرى المزارعون أن الزراعة الأوروبية تعاني أزمة مزمنة بسبب اتفاقات تجارية غير متوازنة، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتقليص الدعم المالي، فضلاً عن القيود البيئية الصارمة. من جهة أخرى، حذر الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا من أن الاتفاق إذا لم يُقر الآن، فلن يتم توقيعه طوال فترة رئاسته، مؤكداً استمرار المفاوضات لأكثر من 20 عامًا دون حسم.
مستقبل الاتفاق على حافة الهاوية

بين جرارات المزارعين الغاضبين وقاعات بروكسل المغلقة، يقف اتفاق ميركوسور على حافة المجهول. الخيارات محدودة: إما تسوية توازن بين التجارة وحماية الزراعة الأوروبية، أو تصعيد اجتماعي واسع قد يعيد رسم العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وقطاعه الزراعي، في واحدة من أخطر أزمات الثقة التي تواجه القارة في السنوات الأخيرة.