6 نوفمبر 2025 06:05
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

«صدام العمدة الشاب والرئيس العجوز».. فوز ممداني يعيد صياغة السلطة في الولايات المتحدة

ترامب وزهران

في تحول سياسي تاريخي أعاد رسم خريطة السلطة في أكبر مدينة أمريكية، فاز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك، ليصبح أول مسلم يتولى هذا المنصب.

هذا الانتصار لم يكن مجرد فوز انتخابي بل حدثا سياسيا يثير تساؤلات حول مستقبل السياسات المحلية والوطنية، ويضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مواجهة مع جمهور المدينة الذي أبدى رغبته في التغيير.

معركة مبكرة على روح نيويورك

بينما تستعد مدينة نيويورك لمرحلة سياسية غير مسبوقة، يشق زهران ممداني طريقه كأول مسلم وعمدة رقم 111 للمدينة، حاملاً معه رؤى اشتراكية جريئة تهدد بإعادة تشكيل العلاقة بين الحكومة المحلية والإدارة الفيدرالية.

ومع هذا التحول، ويبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو مواجهة سياسية من الطراز الأول بين العمدة الشاب والرئيس الأمريكي العجوز دونالد ترامب، في معركة تمزج بين الأيديولوجيا والطموح الشخصي.

بداية الصراع بين ممداني وترامب
يدخل ممداني، البالغ من العمر 34 عاما، وهو اشتراكي صاعد يتوقع كثيرون أن يصبح أحد أبرز وجوه الحزب الديمقراطي، في مسار تصادمي مع الرئيس ترامب الذي لا يخفي عداءه للأفكار اليسارية. وتوقعت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية أن تتحول العلاقة بين الطرفين إلى مواجهة سياسية مفتوحة، إذ يمثل كل منهما رؤية مختلفة تماماً لأميركا ومستقبلها الاقتصادي والاجتماعي.

الاختلاف في الرؤية والخلفية
وصفت الصحيفة ترامب بأنه “رجل العقارات الثري”، في مقابل ممداني الذي كان يعمل مستشارا سابقا للإسكان، مشيرة إلى أن كلاً منهما يستخدم الانتقادات المتبادلة لخدمة مصالحه السياسية.

ممداني قدم نفسه خلال حملته الانتخابية على أنه “أسوأ كوابيس الرئيس”، مؤكدا أنه المرشح الوحيد القادر على الوقوف في وجه ترامب، بخلاف خصمه الديمقراطي أندرو كومو الذي يتقاسم – بحسب ممداني – الممولين والرؤية الضيقة نفسها مع ترامب.

اتهامات متبادلة بين ترامب وممداني
ترامب لم يتردد في وصف ممداني بأنه “شيوعي”، بينما استغل الإعلام اليميني والجمهوريون هذا الوصف لتصويره كتهديد للمجتمع الأمريكي بسبب خلفيته المسلمة وأصوله الآسيوية.

أما ممداني، فقد ردّ بأن هذه الهجمات تعبّر عن خوف من التغيير، مؤكدا أن صوته يمثل فئات مهمّشة في المجتمع تسعى للعدالة والمساواة.

فزّاعة سياسية للتيار اليميني
تحول ممداني بسرعة إلى فزّاعة سياسية للتيار اليميني، حيث استخدمه الجمهوريون لتعبئة قواعدهم الانتخابية تحت شعار “اجعلوا أمريكا عظيمة مجددا”. ومع غياب زعيم رسمي للمعارضة داخل الحزب الديمقراطي، يتوقع مراقبون أن يصبح ممداني أحد أكثر الشخصيات تأثيرا وشهرة في حزبه خلال فترة قصيرة، مستفيدا من شعبيته المتزايدة في أوساط الشباب والتقدميين.

بعد شخصي في المواجهة
بالنسبة لترامب، تبدو المعركة أكثر من مجرد خلاف سياسي، إذ ينظر إلى نيويورك باعتبارها “حبه الأول” ومهد نجاحه التجاري والسياسي، ويشعر بمسؤولية خاصة تجاهها.

أما ممداني، فيرى في المدينة رمزا للتنوع والحرية، ويريد تحويلها إلى نموذج للعدالة الاجتماعية والمساواة الاقتصادية، وهو ما يجعل الصدام بينهما حتمياً.

قضايا المواجهة المقبلة
تؤكد “ذا تايمز” أن خطوط المواجهة قد رُسمت بالفعل، حيث ستتركز حول الإنفاق العام والهجرة وسياسة القانون والنظام.

ممداني دعا إلى رفع الضرائب على الأغنياء وزيادة معدل الضريبة على الشركات، إلى جانب توسيع مشاريع الإسكان المدعوم، وتجميد إيجارات الشقق ذات الأسعار الثابتة، وهي سياسات يرى فيها مؤيدوه إصلاحا ضروريا، بينما يعتبرها خصومه تهديدا لمناخ الاستثمار في المدينة.

نيويورك على خط النار 
ومع بدء ممداني ولايته رسميا مطلع العام الجديد، تبدو نيويورك على موعد مع اختبار سياسي واجتماعي سيحدد ملامح المرحلة المقبلة.

فبين طموح العمدة الشاب وأجندة الرئيس الطموحة للعودة إلى البيت الأبيض، تقف المدينة على خط النار في معركة تتجاوز حدودها لتطال مستقبل السياسة الأمريكية بأكملها.

فقدان السيادة وفق ترامب

وفي أول تعليق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك الولاية الأشهر والأكبر في الولايات المتحدة الأمريكية قال: إن الولايات المتحدة فقدت شيئا من سيادتها بعد فوز ممداني، مؤكدا أنه سيعمل على معالجة هذا الأمر.

وأوضح خلال مؤتمر اقتصادي في ميامي أن ما حدث في نيويورك يمثل تحديا مباشرا لإدارته، مضيفا أن البلاد يجب أن تختار بين الشيوعية والمنطق السليم، في إشارة إلى التيار اليساري الذي ينتمي إليه ممداني.

التأثير السياسي والاقتصادي للانتخابات
أشار ترامب -في خطابه- إلى أن نيويورك قد تصبح قريبا ملاذا للفارين من الشيوعية، مؤكدا أن خصومه يعرضون المدينة لكابوس اقتصادي بينما هو يحقق معجزة اقتصادية.

ويرى محللون أن نتائج الانتخابات تعكس استياء سكان المدينة من سياسات الإدارة السابقة، لاسيما فيما يتعلق بالقدرة الشرائية والخدمات العامة.

كلمة النصر من ممداني
تحدث زهران ممداني -في خطاب النصر أمام مؤيديه- مؤكدا أن فوزه يوضح الطريق لهزيمة ترامب، وقال: «إذا كان هناك من يستطيع أن يظهر لأمة خانها دونالد ترامب طريقة هزيمته، فهي المدينة التي أوصلته إلى ما هو عليه».

وأضاف أن نيويورك ستكون نورا في هذا الوقت من الظلام السياسي، معتبرا أن هذا الانتصار يحمل رسالة قوية للمجتمع الأمريكي.

تفاصيل الفوز الانتخابي
تقدم ممداني (34 عاما) على الحاكم السابق للولاية أندرو كومو، والجمهوري كورتيس سليوا، وفق النتائج الرسمية لمجلس انتخابات نيويورك.

وسيصبح أول رئيس بلدية مسلم في تاريخ المدينة عند تسلمه المنصب رسميا في الأول من يناير، ما يمثل حدثا تاريخيا ليس فقط للمدينة بل للولايات المتحدة ككل.

ردود فعل ترامب وتحركاته قبل الانتخابات
قبل الانتخابات، حاول ترامب ثني سكان نيويورك عن التصويت لممداني، كما وجه نداءً للناخبين اليهود لمنعه من الوصول إلى المنصب، ولَم تُسفر هذه الجهود عن النتيجة المرجوة. بل لوّح ترامب بقطع التمويل الفيدرالي عن المدينة إذا انتُخب ممداني، مما زاد من حدة التوتر بين الإدارة الفيدرالية والمستوى المحلي.