20 نوفمبر 2025 03:37
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

محطة الضبعة النووية.. قلب الطاقة النابض ورمانة ميزان الاقتصاد المصري

تواصل مصر إنشاء محطة نووية بمدينة الضبعة لتوليد الكهرباء ضمن عقد تم توقيعه مع الجانب الروسي، وتتضمن المحطة أربعة مفاعلات نووية من الجيل الثالث المطور الذي يتميز بارتفاع معدلات الأمان وبساطة التصميم، وانخفاض التكاليف، والعمر الافتراضي الكبير الذي يصل إلى أكثر من ستين عاما مقارنة بالمحطات الحرارية، التي يقدر العمر الافتراضي لها بثلاثة أعوام لكل مفاعل، تصل الطاقة الإنتاجية فيه إلى ألف ومئتين ميجاوات.

وصممت المحطة لتحمل خطأ المشغل البشري مع وجود وعاء احتواء خرساني قادر على مقاومة اصطدام طائرة تجارية بوزن أربع مئة طن وسرعة مئة وخمسين متر في الثانية.

وشهدت مصر الأربعاء، حدثًا تاريخيًا ضمن مشروعها النووي السلمي، إذ تم تركيب وعاء ضغط المفاعل الخاص بالوحدة الأولى في محطة الضبعة النووية.

وحضر الاحتفالية وفد رفيع المستوى من مصر وروسيا، بالإضافة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتن عبر تقنية الفيديو كونفرانس، تأكيدًا على أهمية المشروع ودعم الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

ويعد وعاء ضغط المفاعل قلب الوحدة النووية، إذ يجري بداخله التفاعل النووي المتحكم فيه. يتميز بقدرته على تحمل درجات الحرارة والضغط العالية، مع ضمان إحكام تام لمنع أي تسرب، ما يجعله عنصرًا حيويًا في منظومة الأمان والموثوقية التشغيلية للمحطة.

وتم تصنيع الوعاء في مصنع إيجورا التابع للقسم الهندسي الميكانيكي لمؤسسة روساتوم الروسية، ويبلغ وزنه أكثر من 330 طنًا. وشارك خبراء هيئة المحطات النووية المصرية في عمليات التفتيش أثناء التصنيع لضمان الالتزام التام بمعايير الجودة والمواصفات الفنية المعتمدة.

نقل وتركيب الوعاء

وتم نقل وعاء ضغط المفاعل بحرًا على متن سفينة شحن متخصصة، حيث غادرت من ميناء سانت بطرسبورغ في الأول من أكتوبر، واستغرقت الرحلة نحو 20 يومًا حتى وصوله إلى موقع المحطة في الضبعة. رست السفينة على الرصيف البحري المخصص لاستقبال المعدات الثقيلة وغير النمطية، استعدادًا لعملية التركيب النهائية.

تأهيل الكوادر الوطنية وتوفير فرص العمل
يساهم المشروع في تأهيل العلماء والمهندسين المصريين في مجالات تكنولوجيا المحطات النووية والأمن النووي، كما يوفر فرص عمل للشباب خلال مراحل التنفيذ في مجالات الإنشاءات والصناعات المكملة والمجالات الإدارية والخدمية ويجري حاليا استكمال إنشاء الأسوار وأبراج الحراسة والبوابات للمنطقة، وإنشاء مدينة سكنية تضم ألف وخمسمئة منزل بدوي بمساحة ثلاثمئة متر لكل منزل، ومنشآت إدارية وخدمية بالإضافة إلى تجمع سكني للعاملين بالمحطة يشمل ألفين وخمسين وحدة سكنية متنوعة المساحات بتكلفة تصل إلى ثمانية وعشرين ونصف مليار دولار.

الطاقة النووية ودورها في الاقتصاد المصري
أكد الدكتور أيمن الوكيل الرئيس السابق لهيئة المحطات النووية، أن الطاقة النووية تمثل طاقة نظيفة وخضراء ومعترف بها دوليا، وتسهم في تنويع مصادر الطاقة، وتعزيز البحث العلمي، وتعمل بصورة مستقرة على مدار اليوم دون انقطاع كما أنها تشكل قاطرة حقيقية لإدخال صناعات جديدة في مصر ورفع معايير الجودة، وتشمل الصناعات الحديد والصلب والكابلات الكهربائية والأسمنت.

وبدأ العمل في المشروع في ديسمبر 2014 بالتعاون مع روسيا، ودخل حيز النفاذ في ديسمبر 2017، ويتضمن المشروع ثلاث مراحل تشمل التصميم المبدئي والإعداد والتراخيص والوثائق اللازمة لينقل مصر إلى مصاف الدول المنتجة للطاقة النووية وفق الهيئة الدولية للطاقة الذرية مع الالتزام التام بالجدول الزمني للمشروع.

دور محطة الضبعة في استقرار الكهرباء والاقتصاد الوطني
وأوضح الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة ان دخول المفاعل النووي الاول الى الشبكة سيوفر ما بين اثنين ونصف إلى أربعة مليارات دولار سنويا، كما سيقلل الحاجة للغاز الطبيعي بما يعادل مليار متر مكعب سنويا، وأن نسبة الإنجاز في المفاعل الأول وصلت إلى سبعة وأربعين بالمئة قبل نهاية العام .

ويستقبل الوقود النووي للمرة الأولى في 2027 ضمن منظومة حماية مادية تضمن أمن مداخل البحر، وأنظمة التبريد والتشغيل وتعيد تدوير الوقود النووي ليصبح صالحا للعمل لفترة اطول.

وأشار الوزير إلى تدريب الكوادر المصرية في روسيا على تشغيل المفاعلات، ويعمل نحو ثلاثين ألف عامل في المشروع إلى جانب مئة وثلاثين شركة مشاركة في الإنشاءات والاستثمارات التي تتجاوز ثلاثة وعشرين مليار دولار.

أمان المحطة والتكنولوجيا المستخدمة
أكد وزير الكهرباء والطاقة المتجددة أن محطة الضبعة النووية مزودة بأنظمة حماية متقدمة تشمل أنظمة بديلة تعمل تلقائيا عند توقف أي خدمة مما يعزز الأمان والاستمرارية التشغيلية، وتستخدم المحطة تكنولوجيات تشغيل متقدمة مع الاستفادة من الخبرات الروسية والعمليات المصرية لتوطين بعض مكونات الصناعات النووية داخل مصر.

كما تشمل الاتفاقيات تصنيع المفاعلات الصغيرة العائمة لتوليد الكهرباء في المناطق النائية، ويجري تصنيع مولدات المحطة على مراحل على أن تنتقل عمليات التشغيل تدريجيا للكوادر المصرية بعد الدعم الفني الروسي خلال السنوات الأولى.

المشاريع الموازية والربط الكهربائي الدولي
وكشف وزير الكهرباء والطاقة المتجددة عن مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، الذي بلغت نسبة تنفيذة ثمانية وتسعين بالمئة بقدرة ثلاثة جيجاوات، وسيتم الانتهاء منه بنهاية العام الجاري ليشكل رابطا استراتيجيا يخدم البلدين، ويدعم استقرار شبكتي الكهرباء.

كما يساهم المشروع النووي في دعم منظومة الكهرباء الوطنية، وتعزيز الاستقرار، وتغطية عشرة إلى اثني عشر بالمئة من إجمالي الكهرباء المستخدمة في مصر.