مصر تحقق نجاحا دبلوماسيا تاريخيا: وقف إطلاق النار في غزة بفضل الوساطة المصرية

وسط أجواء مشحونة وصراع دام لعدة أشهر، تحولت مدينة شرم الشيخ إلى عاصمة للسلام، بعد نجاح الوساطة المصرية في التوصل إلى اتفاق تاريخي بين حماس وإسرائيل، يقضي بوقف الحرب في قطاع غزة، وبدء تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الانسحاب، إطلاق الأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية.

الاتفاق جاء بعد مفاوضات ماراثونية ومعقدة شاركت فيها مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة، وأسفر عن تفاهمات ميدانية وسياسية شاملة أنهت واحدة من أعنف جولات الحرب في القطاع منذ سنوات.

وأكد بيان حركة حماس أن الاتفاق يتضمن وقف شامل لإطلاق النار، انسحاب القوات الإسرائيلية تدريجيًا، إطلاق الأسرى من الجانبين، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية، معبرة عن تقديرها للوسطاء ووجهت شكرًا خاصًا للرئيس عبد الفتاح السيسي على جهوده الحاسمة في حماية الأرواح وفرض لغة العقل على لغة النار.

وفي تصريحات رسمية، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توقيع المرحلة الأولى من “خطة السلام” بـاليوم العظيم للعالمين العربي والإسلامي، مؤكداً إطلاق جميع المختطفين وبدء انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الخط المتفق عليه، وموجهاً شكره للوسطاء المصريين والقطريين والأتراك، واصفًا ما جرى بـ”حدث تاريخي يستحق أن يُدرّس كأحد أنجح تجارب الدبلوماسية في الشرق الأوسط منذ عقود”.

وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن الاتفاق تضمن تنازلات متبادلة، أبرزها تعديل خطة الانسحاب المعروفة بـ”الخط الأصفر”، وإطلاق الأسرى الأحياء يوم الأحد المقبل مع تسليم رفات القتلى على مراحل لاحقة، إضافة إلى دخول المساعدات الإنسانية فورًا عبر خمسة معابر، بينها معبر رفح المصري، ليصبح الشريان الإنساني الرئيسي للقطاع.

وتؤكد القاهرة من جديد أنها اللاعب الإقليمي القادر على التوازن بين الأطراف، فبين واشنطن وأنقرة والدوحة وتل أبيب وغزة، كانت مصر الجسر الذي عبرت عليه مفاوضات الحياة، لتخرج بالاتفاق الذي أعاد الأمل لشعب أنهكته الحرب.

كما أعلنت إسرائيل عن عقد جلسة استثنائية للمصادقة على الاتفاق، فيما وصف رئيس الوزراء نتنياهو الإنجاز بأنه “تاريخي”، مع توجيه دعوة للرئيس ترامب لإلقاء خطاب أمام الكنيست.

اتفاق شرم الشيخ ليس مجرد هدنة سياسية، بل بداية جديدة لمسار سلام طويل، يعيد القاهرة إلى قلب المشهد العالمي كوسيط عادل وصانع للسلام في زمن الانقسامات، مؤكداً أن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على إيقاف النار قبل أن تشتعل.