27 ديسمبر 2025 20:14
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

“وسم القبيلة”.. باسبور الإبل لعبور أودية “الذهب” في الصحراء الشرقية

بينما تكتسي أودية الصحراء الشرقية جنوب البحر الأحمر برداء أخضر عقب هطول الأمطار، تبرز “سفينة الصحراء” كبطل للمشهد في حلايب وشلاتين ومرسى علم.

هنا، لا يعد الجمل مجرد وسيلة للنقل أو مصدراً للغذاء، بل هو “رفيق الدرب” وحامل لواء الهوية الثقافية لقبائل البشارية والعبابدة، الذين جعلوا من “الوسم” لغة فخر لا يفك شفرتها إلا أبناء البادية.

الوسم.. “البطاقة الذكية” بعبق التراث

في المساحات الشاسعة الممتدة بين الجبال والصحاري المفتوحة، حيث تغيب الأسوار وتختلط قطعان الإبل، تظهر عبقرية “الوسم”. هو علامة تُحفر بالحديد الساخن على فخذ الجمل أو رقبته، ليعلن للجميع عن انتمائه القبلي.

رخصة مرور: يصف علي أبو الشيخ، من قبيلة القزايزة، الوسم بأنه بمثابة “باسبور” أو بطاقة هوية دولية؛ فلكل قبيلة رمزها الخاص الذي لا يتداخل مع غيره، مما يجعل الجمل “معروف النسب” بمجرد النظر إليه من بعيد.

دستور الرعي: رغم ترك الجمال لشهور ترعى بحرية ودون حراسة، إلا أن الوسم يضمن حمايتها؛ فحدود القبائل الجغرافية محترمة، والعلامة التي يحملها الجمل هي “حصانة” تمنع التعدي عليه أو سرقته.

من حلايب إلى الشمال.. خريطة القبائل والإبل

تمتد شهرة الجمال على طول ساحل البحر الأحمر، حيث تتوزع القبائل في منظومة اجتماعية دقيقة:

في الجنوب: تتركز قبائل البشارية والعبابدة والرشايدة، حيث تُعد الإبل عصب التجارة والحياة.

في الشمال: تنتشر قبائل جهينة والمعاذة والقزايزة، ولكل منها تقاليدها الراسخة في تربية وحماية سلالات الإبل النادرة.

من جانبه، يؤكد الحسن عثمان، من قبيلة البشارية، أن الوسم ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل هو “علامة نسب وشرف”.

ويشير إلى أن التقاليد تقضي بعدم وسم الجمال المخصصة للبيع إلا بعد تسلم المشتري لها، حفاظاً على نقاء سلالة القبيلة. الوسم هنا يجسد نمط الحياة البدوية التي تقاوم الزمن، حيث يبقى الجمل هو “رفيق الصمود” في مواجهة قسوة الطبيعة.