وول ستريت تنهي أسبوع الفيدرالي على إيقاع هادئ وصعود قياسي

أنهت بورصة وول ستريت واحداً من أهم أسابيعها هذا العام بهدوء نسبي، بعد أن استوعبت الأسواق قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار ربع نقطة مئوية، في خطوة وُصفت بأنها مزيج من التيسير النقدي المدروس والإشارة الإيجابية لمستقبل الاقتصاد الأميركي.
وبينما أبقت الأسهم الأميركية على مستوياتها التاريخية المرتفعة، فإن التفاؤل بشأن استمرار موجة الصعود لم يتراجع، بل زاد من توقعات المستثمرين تجاه أرباح الشركات في الفترات المقبلة.
أجواء تفاؤل رغم دعوات التهدئة
وعلى الرغم من الأصوات التي دعت إلى “التقاط الأنفاس” بعد مكاسب تجاوزت 15 تريليون دولار منذ مستويات أبريل المتدنية، فإن المزاج العام في الأسواق ظل مائلاً للتفاؤل الصعودي.
هذا التفاؤل تعزز بعد قرار الفيدرالي الذي جاء في وقت يواصل فيه الاقتصاد الأميركي تسجيل معدلات نمو، ما اعتُبر بمثابة دعم إضافي للإقبال على المخاطرة.
مراقبون في وول ستريت أشاروا إلى أن المزج بين السياسة النقدية التيسيرية والاقتصاد النامي يشكل بيئة مثالية لاستمرار تدفق السيولة نحو الأسهم، وهو ما يفسر تمسك المؤشرات بمكاسبها القياسية.
السياسة النقدية في خدمة السوق
قرار خفض الفائدة كان محط أنظار المستثمرين طوال الأسبوع، إذ انتظر الجميع ما إذا كان الفيدرالي سيبقي على سياسة التشديد السابقة أم يفتح نافذة جديدة للتيسير.
ومع إعلان الخفض، بدا أن المجلس يسعى إلى موازنة الضغوط التضخمية مع دعم النشاط الاقتصادي، وهو ما انعكس فوراً على معنويات السوق. الاستجابة كانت واضحة في بقاء مؤشر ستاندرد آند بورز 500 قرب مستوى 6650 نقطة، في إشارة إلى استقرار نسبي يدعم الاتجاه الصعودي العام.
مكاسب محدودة في جلسة الجمعة
الجلسة الأخيرة من الأسبوع، يوم الجمعة، لم تشهد زخماً استثنائياً، إذ ظلت المكاسب محدودة، لكن المؤشر الأوسع نطاقاً واصل مساره نحو تسجيل مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي.
هذا الأداء المستقر اعتبره محللون إشارة إلى أن السوق يفضل اختبار مستويات المقاومة الجديدة بهدوء قبل الدخول في موجة صعود جديدة.
كما أظهرت التداولات أن المستثمرين يفضلون التريث بانتظار وضوح أكبر بشأن مسار السياسة النقدية خلال الأشهر المقبلة.
بين المخاوف والرهانات
الرهان الأساسي لدى المستثمرين اليوم يتمثل في أن الفيدرالي قد يواصل خفض أسعار الفائدة تدريجياً، ما يفتح المجال أمام الشركات لتوسيع أرباحها بدعم من تراجع تكلفة التمويل.
لكن في المقابل، لا تخلو الصورة من بعض المخاوف بشأن استمرار الضغوط التضخمية أو حدوث تباطؤ مفاجئ في النمو.
ورغم هذه التحفظات، فإن اتجاه السيولة نحو الأسهم يظل العامل الأبرز في دفع المؤشرات إلى تسجيل مستويات تاريخية.
قراءة بلومبرج
وكالة بلومبرج للأنباء أشارت في قراءتها إلى أن حالة “النشوة الصعودية” لا تزال هي السائدة في السوق الأميركية، رغم الدعوات للتهدئة.
فالأسواق، بحسب التقرير، تتعامل مع مرحلة استثنائية من المزج بين التيسير النقدي والنمو الاقتصادي، وهو ما يختلف عن المراحل التقليدية التي يأتي فيها خفض الفائدة استجابة لركود أو تباطؤ حاد.
هذا الفارق الجوهري جعل المستثمرين أكثر استعداداً للمخاطرة، مدفوعين بتوقعات أرباح قوية للربع المقبل.
صورة الأسبوع المالي
مع ختام الأسبوع، يمكن القول إن وول ستريت اجتازت اختبار الفيدرالي بنجاح، وخرجت بمكاسب متوازنة تعكس ثقة المستثمرين في استمرار دورة الصعود.
فالمؤشرات لم تسجل قفزات مبالغ فيها، لكنها أيضاً لم تتراجع، ما يعكس حالة من التوازن بين الحذر والتفاؤل.
وفي ظل ترقب المستثمرين لاجتماعات الفيدرالي المقبلة، تظل كل الأنظار مركزة على مسار السياسة النقدية، باعتبارها العامل الحاسم في تحديد اتجاه السوق خلال ما تبقى من العام.
تعليقات 0