في ذكرى اكتشاف حجر رشيد.. مفتاح الحضارة المصرية الذي غيّر وجه التاريخ

في مثل هذا اليوم من عام 1799، وبينما كانت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت تُحصّن قلعة “جوليان” قرب مدينة رشيد في دلتا مصر، عثَر أحد الضباط الفرنسيين على حجر داكن اللون بدا وكأنه يحمل لغزًا من أعماق الزمن.
لم يكن الضباط يدركون حينها أنهم يقفون أمام أحد أهم الاكتشافات الأثرية في التاريخ الإنساني… “حجر رشيد”.
صُنع حجر رشيد من البازلت الأسود، ويبلغ ارتفاعه حوالي 114 سم، وعرضه 72 سم. لكنه لم يكن مجرد صخرة صماء؛ بل كان اللوحة الذهبية التي حملت مفتاح فهم اللغة المصرية القديمة، إذ كُتب عليه مرسوم ملكي يعود إلى عام 196 ق.م.، صاغه كهنة مدينة “منف” لتمجيد الملك بطلميوس الخامس، تقديرًا لما قدمه من إنجازات للبلاد.
المرسوم ذاته نُقش على الحجر بثلاث لغات:
الهيروغليفية: لغة الكهنة والنقوش الرسمية.
الديموطيقية: لغة المصريين اليومية آنذاك.
اليونانية القديمة: لغة الطبقة الحاكمة البطلمية.
استمر الغموض يحيط بالحجر لأكثر من عقدين، إلى أن جاء عام 1822، حين نجح العالم الفرنسي “جان فرانسوا شامبليون” في فك رموزه، معتمدًا على معرفته باليونانية ومقارنة النصوص الثلاثة.
لحظتها، وُلد ما يُعرف اليوم بـ”علم المصريات”، وأُعيد فتح أبواب الحضارة المصرية القديمة بعد أن ظلت مغلقة لأكثر من ألفي عام.
منذ عام 1802، يقبع حجر رشيد في المتحف البريطاني بلندن، بعد أن استولت عليه بريطانيا في أعقاب انسحاب الفرنسيين من مصر. ولا تزال المطالبات المصرية الرسمية والشعبية باسترداد الحجر مستمرة حتى يومنا هذا، باعتباره واحدًا من أبرز رموز الهوية الثقافية والتاريخية المصرية.
أهمية حجر رشيد:
فك رموز اللغة الهيروغليفية.
كشف أسرار الحضارة الفرعونية.
أسس علم المصريات Egyptology.
أبرز شاهد على التداخل الثقافي بين المصريين والبطالمة.
في ذكرى هذا الاكتشاف الخالد، نستعيد لحظة غيّرت فهمنا للتاريخ، وفتحت صفحات ظلت مطوية لقرون.
حجر رشيد لم يكن مجرد أثر… بل كان “كلمة السر” في استعادة حضارةٍ أدهشت العالم.
تعليقات 0