23 يونيو 2025 07:34
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

من حطام إلى أيقونة.. “شاطئ السفينة” في العريش يتحوّل إلى معلم سياحي

بلمسة الشباب وعلم الوطن

لم يكن في الحسبان أن تتحوّل بقايا سفينة حديدية مهجورة، ألقتها أمواج البحر على شاطئ العريش قبل سنوات، إلى أحد أبرز المعالم الساحلية وأكثرها جذبًا للزوار في شمال سيناء، لكن أبناء المدينة كتبوا فصلًا جديدًا للمكان، بلغة الانتماء، وروح المبادرة.

يقع “شاطئ السفينة” على امتداد الساحل الشمالي لمدينة العريش، وسُمّي بذلك تيمّنًا بهيكل سفينة ضخمة جنحت منذ سنوات إلى الشاطئ، وثبّتها الرمل والماء وكأنها جزء من الطبيعة، لا لافتة تُرشد إليها، ولا لوحة تعرّف بها، بل ذاع صيتها من صور التقطها الهواة وانتشرت كالنار على منصات التواصل الاجتماعي.

وسط خلفية البحر الأزرق، تقف بقايا السفينة الصامدة، مغلفة بالطحالب والصدأ، لكن حافلة بالرمزية. وقد صعد شباب متطوعون من العريش إلى أعلى الهيكل ورفعوا علم مصر عاليًا، ليبقى خفاقًا في وجه البحر، في مشهد بعث في الزوار إحساسًا عميقًا بالفخر والانتماء، ووهب الحطام معنى يتجاوز كونه بقايا صدئة.

بات الشاطئ يستقبل الزوار من كل مكان، خصوصًا العائلات والرحلات الشبابية، لالتقاط الصور التذكارية مع السفينة والعلم، ومتابعة مشهد الغروب الذي يلفّ المكان بألوان ذهبية خلابة. البعض يصعد إلى سطح السفينة في مغامرة قصيرة، وآخرون يكتفون بمراقبتها من الرمال، بينما ينظر إليها الأطفال بدهشة كما لو خرجت من كتاب أساطير بحرية قديم.

من حطام إلى أيقونة.. "شاطئ السفينة" في العريش يتحوّل إلى معلم سياحي - 1 - سيناء الإخبارية

ما يميز هذا المعلم أنه صُنع بجهد محلي لا مركزي، دون مشروعات ضخمة أو استثمارات باهظة. فشباب المدينة أطلقوا مبادرات لتأهيل الشاطئ، بالتعاون مع محافظة شمال سيناء، حيث وفروا جلسات عربية تقليدية، خيامًا بسيطة، مظلات تحمي من الشمس، وخدمات خفيفة تلبي احتياجات الزوار مع الحفاظ على البيئة الطبيعية.

ذروة النشاط تبدأ مع نسيم العصر، حين تبدأ الأسر بالتوافد، حاملين الشاي والمأكولات الخفيفة، ليتحول الشاطئ إلى واحة من الصفاء تمتد حتى منتصف الليل. لا ضوضاء، لا ترف مفتعل، فقط تجربة حقيقية ومشهد مهيب لسفينة صمدت أمام الزمن، ورفرف فوقها العلم.

“شاطئ السفينة” ليس مجرّد مكان، بل قصة نجاح مجتمعية وسياحية حيّة، تُثبت أن التفاعل بين الإنسان والطبيعة قادر على خلق الجمال، من أبسط ما هو مهمل. فما كان مخلّفًا منسيًا، أصبح أيقونةً يلتف حولها الزوار، ويوثّقها الزمن والعدسات.