الغابة المتحجرة بجنوب سيناء.. سجل الأرض الصامت يحكي أسرار ملايين السنين

في قلب صحراء جنوب سيناء، حيث يبدو كل شيء ساكنًا وخاليًا من الحياة، تقف الغابة المتحجرة كمعجزة جيولوجية نادرة، لا تنطق، لكنها تحمل بين طياتها ذاكرة الأرض منذ عصور سحيقة.

جذوع تحولت إلى حجارة، وصخورٌ نحتت من زمن بعيد، تشهد على تغيرات مناخية وحضارات نباتية اندثرت لكنها ما زالت حيّة في تركيبتها.

هذه الغابة ليست كغيرها من الغابات، فهي متحجرة بالصمت والجلال، ولكنها ناطقة بمعجزات الطبيعة وقصصها المنسية، ما يجعلها واحدة من أندر وأغرب الظواهر الطبيعية في مصر والعالم.

تعود نشأة الغابة المتحجرة بجنوب سيناء إلى عصور جيولوجية قديمة، حينما دفنت الأخشاب العملاقة تحت طبقات سميكة من الرماد البركاني والرواسب الغنية بالمعادن.

ومع مرور ملايين السنين، تفاعلت المعادن مع الأنسجة النباتية، فاستُبدلت الخلايا العضوية بمكونات معدنية، محتفظة بشكلها الطبيعي لكن بتركيبة صخرية صلبة، لتتحول الأشجار إلى أحجار حية تحمل بين طياتها أسرار الحياة القديمة.

تُعد الغابة المتحجرة بمثابة متحف طبيعي مفتوح، ووجهة ساحرة لمحبي السياحة البيئية والمغامرات العلمية، فهي توفر فرصة نادرة لرؤية بقايا أشجار ضخمة تحجرت بفعل الزمن، والاقتراب من تفاصيل دقيقة ظلت محفوظة عبر ملايين السنين.

ويستفيد العلماء والباحثون من مكونات الغابة المتحجرة لتحليل التاريخ المناخي القديم، ودراسة تغير المناخ طويل الأمد، مما يساعد على فهم مستقبل الأرض في ظل التحولات البيئية الراهنة.

تم تصنيف الغابة المتحجرة ضمن نطاق المحميات الطبيعية، لما لها من أهمية بيئية وجيولوجية فريدة، فهي لا تمثل مجرد مزار سياحي، بل تراث طبيعي قومي يجب الحفاظ عليه من التخريب أو الاستخدام العشوائي.

وتسعى الجهات المعنية إلى:

تعزيز الوعي البيئي بين الزوار والسكان المحليين.

تطوير البنية السياحية البيئية بشكل مستدام.

دعم البعثات البحثية الجيولوجية لتوثيق الظاهرة علميًا.

إدراج الموقع ضمن المناهج الدراسية كنموذج تعليمي للتاريخ الطبيعي.

ليست الغابة المتحجرة مجرد أحجار متناثرة في قلب الصحراء، بل هي وثائق طبيعية نادرة تروي بصمتها حكاية الأرض، وتفتح أبواب التأمل في عظمة الخلق و”هندسة الزمن”. إنها إحدى أعظم دعوات الطبيعة للانتباه، والتوقف قليلًا لفهم ماضينا وحماية مستقبلنا.