المسجد العتيق ومسجد الشيخة حسينة.. درر أثرية تروي حكايات ألف عام في قلب واحة سيوة

في عمق واحة سيوة التي تُعد واحدة من أكثر مناطق مصر سحراً وتفرداً، يتلألأ المسجد العتيق ومسجد الشيخة حسينة كدرر أثرية شاهدة على تاريخ ضارب في الجذور يمتد لأكثر من عشرة قرون.
يتوسط هذان المعلمان حصن شالي الشهير، الحصن الأمازيغي العريق الذي يعتلي ربوة جبلية عالية كأنه حارس الزمن وذاكرة الواحة.
داخل شالي القديمة، حيث الأزقة الضيقة ورائحة التاريخ، يقف المسجد العتيق الذي بُني عام 500 هجرية كأحد أقدم مساجد شمال إفريقيا.
ورغم مرور مئات السنين، لم تنقطع الصلوات داخله منذ تأسيسه.
وقد أعيد افتتاحه في ديسمبر 2015 بعد عملية ترميم دقيقة بحرفية تحافظ على روح العمارة السيوية المميزة.
يتميز المسجد بطراز معماري فريد عالميًا؛ جدرانه مبنية من مادة الكرشيف—مزيج من الطين والملح—وسقفه من جذوع النخيل، وتدعمه ست دعامات أسطوانية ضخمة تقسم مساحته إلى ثلاث بلاطات متوازية.
أما مئذنته الضخمة فتنتمي إلى طراز الصوامع المغربي والأندلسي، بقاعدة مكعبة تتدرج صعودًا بشكل متقن حتى قمتها.
غير بعيد عن المسجد العتيق، يبرز مسجد الشيخة حسينة (تطندي)، الذي يرجع تاريخه إلى العصر الأيوبي عام 600 هجرية.
وهو مسجد بُني بفضل تبرع سيدة مغربية توقفت في سيوة أثناء رحلتها للحج، لتحفظ بصمتها المعمارية عبر القرون.
يمتد المسجد على مساحة 300 مترًا مربعًا، مزودًا بمئذنة دائرية بارتفاع 17 مترًا، وثلاثة أروقة ومصلى للسيدات.
تشكّل هذه المساجد، بما تحمله من جمال عمراني وسرد تاريخي، أحد أهم مكونات الهوية السيوية وكنوزها الثقافية، وتظل شاهدة على روح مجتمع حافظ على تراثه ولغته وعمارة أجداده عبر الزمن.


تعليقات 0