برديات وأوانٍ فخارية تكشف أسرار ميناء «مرسى جواسيس» بسفاجا

أنهت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية أعمالها في موقع مرسى جواسيس الأثري جنوب مدينة سفاجا على البحر الأحمر، ضمن خطة وزارة السياحة والآثار لاستكمال أعمال التنقيب في المواقع الساحلية المطلة على البحر الأحمر، والتي تمثل أحد أهم فصول التاريخ المصري القديم لما تحمله من شواهد حضارية تعكس دور المصريين في الملاحة والتجارة الخارجية.
وخلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على عدد من قطع البردى المكتوبة بالخط الهيراطيقي تعود لعصر الدولة الوسطى، إلى جانب أوان فخارية مكتملة من الحقبة نفسها، ليضاف هذا الكشف إلى سلسلة اكتشافات مهمة تعزز مكانة هذا الميناء الفريد الذي لعب دورًا محوريًا في التجارة البحرية بين مصر القديمة وبلاد بونت.
موقع استراتيجي يكشف عن تاريخ بحري عريق
يقع مرسى جواسيس على بعد نحو ثلاثة وعشرين كيلومترًا جنوب سفاجا وثمانية وخمسين كيلومترًا شمال القصير واثنين وثمانين كيلومترًا جنوب الغردقة.
ويعد من أعظم الموانئ الأثرية التي شهدت نشاطًا تجاريًا واسعًا بين مصر وبلاد بونت، التي كانت مصدرًا للبخور والعاج والذهب والأخشاب النادرة.
وقد ظل الميناء مدفونًا تحت الرمال لقرون حتى أعادت البعثات العلمية اكتشافه، كاشفة أسرارًا مذهلة عن براعة المصريين القدماء في الإبحار عبر البحر الأحمر.
أصل تسمية الميناء ودلالاتها التاريخية
تعود تسمية جواسيس إلى الدكتور عبدالمنعم عبدالحليم سيد مدير بعثة جامعة الإسكندرية التي عملت بالموقع عامي 1976 و1977، في حين كان الأهالي يطلقون عليه جسيس بصيغة التصغير.
ويرجح أن الاسم ارتبط بالمراكب الصغيرة التي كانت تستخدم في تقصي خليج العقبة خلال العصور الإسلامية أثناء الحروب الصليبية، إلا أن الاسم استقر كما هو بعد نشر الدراسات العلمية عن الموقع.
زيارات الرحالة واكتشافات القرن التاسع عشر
بدأ الاهتمام العلمي بالموقع في القرن التاسع عشر عندما زاره عدد من الرحالة الأجانب ومنهم وليام ويلكنسون جاردنر الذي اكتشف أول لوحة توثق زيارة موظف إداري يدعى خنوم حتب خلال عهد الملك سنوسرت الثاني.
وتم لاحقًا العثور على لوحة أخرى تعود للعام الثامن والعشرين من حكم الملك أمنمحات الثاني توثق رحلة عودة الموظف خنتي خيي ور من بلاد بونت ورسو سفنه بسلام في ميناء ساو، وهو الاسم القديم لمرسى جواسيس.
إنجازات مستمرة للبعثة الإيطالية حتى اليوم
تواصل البعثة الإيطالية أعمالها في الموقع مسجلة سلسلة من الإنجازات البارزة، من بينها العثور على لوحة من عهد الملك أمنمحات الثالث مؤرخة بالعام الثالث والعشرين، وصناديق خشبية تحمل نقوشًا تشبه الأختام، إلى جانب أوستراكا من عهد أمنمحات الرابع توثق عمليات جلب الأسماك.
كما عثرت البعثة على لوحة تكريسية للإله أوزير باعتباره سيد البحر الأحمر، إضافة إلى مراسٍ حجرية ثقيلة وكميات كبيرة من الحبال وأخشاب سفن الأرز المحفوظة داخل الكهوف في حالة نادرة، فضلًا عن قصاصات بردى وأختام إدارية تؤكد وجود مركز إداري متكامل داخل الميناء.


تعليقات 0