27 ديسمبر 2025 20:37
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

“ماكيتات” مقبرة “مكت رع”.. حين حبس المصري القديم تفاصيل الحياة في خشب الخلود

في قلب المتحف المصري العريق، لا تسرق الذهب والأحجار الكريمة كل الأضواء؛ فهناك “كنوز خشبية” استثنائية خرجت من مقبرة “مكت رع” الشهيرة، لتقدم لنا “سينما صامتة” تصور الحياة اليومية في مصر القديمة قبل آلاف السنين.

هذه النماذج المصغرة (الماكيتات) ليست مجرد أثاث جنائزي، بل هي كبسولة زمنية نابضة بالتفاصيل التي لا تزال تُبهر العلماء والزوار على حد سواء.

كشفت الدراسات التحليلية الحديثة أن هذه النماذج الخشبية التي تصور (ورش العمل، ومواكب القرابين، وإحصاء الماشية، ومراكب النيل) كانت تهدف لتأمين حياة رغدة للمتوفى في العالم الآخر.

وببراعة فنية مذهلة، نجح الفنان المصري في نحت تفاصيل دقيقة تشمل:

أدوات الصيد والزراعة: التي تعكس التطور التقني في ذلك العصر.

أزياء الخدم وتعابير الوجوه: التي تنقل لنا لمحات عن الطبقات الاجتماعية والمشاعر الإنسانية.

الورش الإنتاجية: التي تعد وثائق أنثروبولوجية نادرة تظهر كيف كان يعمل النجارون والخبازون والمزارعون.

يستعرض المتحف المصري بوسط القاهرة هذه الكنوز ضمن منظومة عرض فريدة تتقسم إلى طابقين:

الطابق الأرضي (عصر العمالقة): مخصص للآثار الثقيلة مثل التوابيت الحجرية والتماثيل الضخمة والنقوش الجدارية التي تحكي قصة القوة والخلود.

الطابق العلوي (عالم التفاصيل): يضم الآثار الخفيفة والحياة اليومية، ومنها مجموعة “مكت رع”، والمومياوات الملكية، والمخطوطات، وكنوز الملك الذهبي “توت عنخ آمون”.

لا يقتصر المتحف على “مكت رع” فحسب، بل يضم تسلسلاً زمنياً مذهلاً يبدأ من صلاية نعرمر (رمز التوحيد)، مروراً بتمثال زوسر وجمال تماثيل خوفو وخفرع ومنكاورع، وصولاً إلى فخامة آثار حتشبسوت وكنوز تانيس الساحرة.

كل قطعة في هذا الصرح هي حكاية قائمة بذاتها، تروي عظمة فنان لم يترك تفصيلة إلا وخلدها.