12 يوليو 2025 07:43
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

تحركات مصرية مكثفة لرأب الصدع الليبي وتعزيز فرص التسوية الشاملة

في خطوة جديدة تؤكد استمرار انخراط القاهرة الفاعل في المسار الليبي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال أسبوع واحد كلاً من المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، والمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبي.

وتأتي هذه اللقاءات في إطار تحركات مصرية مدروسة تهدف إلى تثبيت دعائم الاستقرار داخل ليبيا، وتعزيز فرص التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، تنهي سنوات الصراع، وتفتح الطريق أمام تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن.

رؤية مصرية راسخة

يرى خبراء ومحللون سياسيون أن تحركات مصر في ليبيا لا تنطلق من مواقف آنية، بل من رؤية استراتيجية قائمة على دعم وحدة الأراضي الليبية، وتثبيت مؤسساتها الوطنية الشرعية، ورفض التدخلات الخارجية التي غذّت الانقسام وأطالت أمد الأزمة.

ووفقًا للدكتور رامي عاشور، أستاذ العلوم السياسية، فإن القاهرة تعتبر ليبيا امتدادًا طبيعيًا لأمنها القومي، وتعمل على تعزيز استقرارها من خلال دعم المسارات السياسية والمؤسسات الدستورية الشرعية.

جهود متواصلة لتوحيد المؤسسات

من جانبه، أشار الدكتور محمد فتحي الشريف، رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات، إلى أن مصر حققت بالفعل خطوات ملموسة في دعم المسارات السياسية والعسكرية، من خلال استضافة العديد من الاجتماعات رفيعة المستوى، سواء بين النواب أو القادة العسكريين، وهو ما أسهم في تقليص فجوات الخلاف وتوحيد الرؤى حول مستقبل ليبيا.

كما أوضح أن علاقات مصر الواسعة مع جميع الأطراف الليبية، وتنسيقها المستمر مع المجتمع الدولي والبعثة الأممية، تعزز من فرص نجاحها كوسيط نزيه يسعى لتهيئة البيئة السياسية الملائمة لتنظيم الانتخابات وإنهاء حالة الانقسام.

دبلوماسية مصرية فاعلة على الأرض

وفي السياق ذاته، يرى الدكتور راقي المسماري، أستاذ القانون الدولي، أن الدور المصري لا يُنظر إليه فقط من زاوية دبلوماسية، بل يتجلى بوضوح على الأرض من خلال حالة الاستقرار الأمني النسبي في الأقاليم الليبية المحاذية للحدود المصرية، لا سيما برقة وفزان، بفضل التعاون القائم بين القاهرة ومؤسسات ليبية فاعلة مثل الجيش ومجلس النواب.

وأضاف أن التحرك المصري يأتي أيضاً في ظل تطورات إقليمية تتعلق بالتوترات الحدودية البحرية والصحراوية، ما يستدعي تنسيقاً وثيقاً لضمان الأمن المشترك وتعزيز الاستقرار على المديين القريب والبعيد.

إخراج القوات الأجنبية أولوية رئاسية

في هذا الإطار، شدد الكاتب والباحث السياسي أحمد عرابي على أن دعوة الرئيس السيسي لإخراج كافة القوات الأجنبية من ليبيا تعبّر عن أولوية استراتيجية لا غنى عنها لتحقيق تسوية واقعية، مؤكداً أن هذه الخطوة تُعد مفتاحاً أساسياً لاستعادة السيادة الليبية وتمكين مؤسسات الدولة من القيام بدورها دون إملاءات أو تدخلات خارجية.

وأشار إلى أن الموقف المصري في هذا الصدد يلقى صدى إيجابياً واسعاً داخليًا وخارجيًا، ويعزز من فرص التوصل إلى حل سياسي شامل، خاصة مع ما تمتلكه القاهرة من أدوات دبلوماسية وعلاقات إقليمية ودولية متوازنة.

مستقبل التسوية على ضوء التحركات المصرية

يبقى الرهان الآن على استثمار الزخم السياسي الذي تولّده التحركات المصرية المتواترة، سواء من خلال تعزيز مسارات المصالحة، أو الدفع نحو تنظيم الاستحقاقات الانتخابية، في ظل التوافق الواسع على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية.

وبالنظر إلى ما حققته مصر من تقدم على عدة مسارات، يبدو أنها ماضية في أداء دورها كفاعل محوري قادر على جمع الفرقاء الليبيين على طاولة حوار حقيقي يُنهي سنوات الانقسام ويعيد للدولة الليبية تماسكها واستقرارها.