الاقتصاد المصري بين التحدي والتحفيز: حزمة توسعية لقطاعات الإنتاج
نحو انطلاقة نوعية

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المتزايدة، والضغوط التي تواجه الأسواق الناشئة، تتحرك حكومة الدكتور مصطفى مدبولي بثبات نحو تبني سياسات مالية واقتصادية توسعية تستهدف استنهاض قطاعات الإنتاج، وتعزيز التصدير، وجذب الاستثمارات الأجنبية، بما يضمن تحقيق توازن مالي واجتماعي فعّال ينعكس إيجابًا على مؤشرات النمو القومي.
وفي بيان مالي مفصل أمام مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، استعرض الدكتور أحمد كجوك، وزير المالية، نتائج المبادرات الاقتصادية التي تم تنفيذها خلال العام المالي المنتهي في 30 يونيو 2025، ضمن خطة الدولة لتحفيز الاقتصاد الحقيقي عبر إصلاحات هيكلية شاملة تُعلي من تنافسية القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.
رد أعباء الصادرات
في صلب التوجهات الحكومية، يأتي برنامج “رد أعباء الصادرات” كرافعة رئيسية نحو مضاعفة حجم الصادرات، بدعم مباشر من صندوق تنمية الصادرات.
ووفق البيان المالي، تم صرف نحو 5 مليارات جنيه بين يوليو وأغسطس 2024 ضمن مبادرة السداد الفوري، ليصل إجمالي المدفوع منذ انطلاق المبادرة إلى 68.5 مليار جنيه.
كما تم تخصيص 21 مليار جنيه في موازنة 2024/2025 للبرنامج، ترتفع إلى 44.5 مليار جنيه في العام التالي، في إطار خطة طموحة تستهدف وصول صادرات مصر إلى 100 مليار دولار سنويًا بحلول 2030.
دعم القطاع السياحى
لتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية، أعلنت الحكومة عن مبادرة تمويلية ضخمة بقيمة 50 مليار جنيه موجهة إلى القطاع السياحي، لتمويل إنشاء ربع مليون غرفة فندقية جديدة، بما يسهم في خلق 45 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
تُمنح المساندة بعد التنفيذ الفعلي، فيما تتحمل وزارة المالية تكلفة دعم سنوية بين 3 إلى 4 مليارات جنيه، وهو ما انعكس فعليًا على أداء القطاع، الذي سجل نموًا بنسبة 13.1% خلال النصف الأول من العام المالي، بعوائد قاربت مليار دولار.
دعم الصناعة
في خطوة لدعم الصناعة الوطنية وتعزيز الاكتفاء الذاتي، أطلقت الحكومة مبادرة بقيمة 120 مليار جنيه لدعم القطاعات الإنتاجية، توزعت بين 105 مليارات لرأس المال العامل و15 مليارًا لشراء السلع الرأسمالية، بفائدة مدعومة 15%، وحد تمويل يصل إلى 150 مليون جنيه للعميل والأطراف المرتبطة به.
وتتحمل الدولة دعمًا سنويًا يتراوح بين 6 إلى 8 مليارات جنيه، في وقت أظهر فيه قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية نموًا بنسبة 12.4% خلال النصف الأول من العام المالي.
وفي مبادرة أخرى تعزز القدرة التكنولوجية والتصنيعية، أطلقت وزارة المالية تمويلًا موجهًا للقطاعات الصناعية الحيوية بقيمة 30 مليار جنيه لشراء الآلات وخطوط الإنتاج، بحد أقصى 100 مليون جنيه للعميل الواحد بفائدة مدعومة، مع إمكانية تخفيضها حال تحقق مؤشرات أداء محددة.
وتتحمل الدولة 5 مليارات جنيه سنويًا لتمويل هذه المبادرة ضمن توجه استراتيجي يهدف إلى زيادة القيمة المضافة الصناعية وتحسين معدلات التوظيف.
تشير هذه التحركات إلى نهج اقتصادي مرن ومتوازن تتبعه الحكومة المصرية، يقوم على التحفيز الذكي للقطاعات الإنتاجية والخدمية، مع مراعاة التحديات المالية والاجتماعية.
وبينما تؤكد المؤشرات تحسنًا تدريجيًا في الأداء الصناعي والسياحي والتصديري، فإن التركيز على توسيع القاعدة الإنتاجية، ودعم تنافسية الاقتصاد المصري، وتحقيق انضباط مالي منضبط، يضع البلاد على طريق مستدام نحو التعافي والنمو الشامل.
تعليقات 0