12 يوليو 2025 11:44
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

رحيل الإمام محمد عبده: رائد الإصلاح الفكري في العالم الإسلامي

في مثل هذا اليوم، 11 يوليو 1905، رحل الإمام المجدد محمد عبده، أحد أبرز أعلام النهضة الفكرية والإصلاح الديني في العالم الإسلامي، بعد رحلة حافلة امتدت 57 عاماً من النضال الفكري والدعوي والإصلاحي، خلّف خلالها إرثًا من التجديد والاجتهاد لا يزال صداه حاضراً حتى اليوم.

وُلد محمد عبده عام 1849 بقرية “محلة نصر” التابعة لمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة، لأب ذي أصول تركمانية وأم تنتمي إلى قبيلة بني عدي العربية. بدأ مشواره العلمي في الأزهر الشريف عام 1866، وحصل على الشهادة العالمية بعد أحد عشر عامًا، ليتأثر لاحقًا بأستاذه الإمام جمال الدين الأفغاني، الذي شكّل نقطة تحول في فكره وجّهته إلى دروب الإصلاح والتجديد.

شارك الإمام محمد عبده في الثورة العرابية، ما أدى إلى نفيه بعد فشلها إلى بيروت، ثم إلى باريس عام 1884، حيث أسس مع أستاذه صحيفة “العروة الوثقى” التي لعبت دورًا محوريًا في نشر الفكر الإصلاحي الإسلامي، والدعوة إلى التحرر من الاستعمار وتحديث المجتمعات الإسلامية.

عاد إلى مصر عام 1889 بعفو من الخديوي توفيق بشرط الابتعاد عن السياسة، فتفرغ للعمل القضائي، متنقلاً بين عدد من المحاكم حتى أصبح مستشارًا بمحكمة الاستئناف. وفي عام 1899 تولى منصب مفتي الديار المصرية، ليكون أول مفتي يتبنى منهج الاجتهاد العقلي في الفتوى ويجمع بين العلوم الشرعية والرؤية الإصلاحية الحديثة.

ترك الإمام عبده أثرًا كبيرًا في جيله والأجيال التالية من خلال مؤلفاته وتلاميذه، إذ تتلمذ على يديه نخبة من أعلام النهضة المصرية والعربية، أبرزهم: الشاعر حافظ إبراهيم، الشيخ عز الدين القسام، سعد زغلول، قاسم أمين، طه حسين، الشيخ محمد مصطفى المراغي، مصطفى عبد الرازق، محمد لطفي جمعة، ومحمد محيي الدين عبد الحميد.

من أبرز مؤلفاته: رسالة التوحيد، شرح نهج البلاغة، الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية، الرد على هانوتو، إلى جانب مشاركته في تأسيس صحيفة “العروة الوثقى” وتقاريره حول إصلاح المحاكم الشرعية والتعليم الديني.

توفي الإمام محمد عبده في الإسكندرية مساء الثلاثاء 11 يوليو 1905، الموافق 7 جمادى الأولى 1323هـ، ونُقل جثمانه إلى القاهرة حيث دُفن هناك. وقد رثاه كثير من محبيه وتلاميذه، وعلى رأسهم شاعر النيل حافظ إبراهيم، الذي عبّر عن حزنه العميق لرحيل المعلّم والمصلح.