رغم التوقعات بعقد لقاء ثنائي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جاء الرد الروسي سريعًا ليكشف عن تباعد المواقف وعدم وجود توافق حقيقي حول هذه الخطوة.

التحفظ الروسي الواضح

يوري أوشاكوف، مساعد الكرملين، أوضح في إفادة صحفية أن المكالمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبوتين تناولت “إمكانية رفع مستوى ممثلي الجانبين الروسي والأوكراني”، دون أي إشارة مباشرة إلى اجتماع على مستوى القادة.

كما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو “لا ترفض أي شكل من أشكال العمل – سواء ثنائي أو ثلاثي – لكن أي لقاء على مستوى القادة يحتاج إلى تحضير دقيق”، وهو ما يعني عمليًا أن الاتفاق على القمة ما زال بعيدًا.

خلفيات الحرب وموقف بوتين

منذ اعتراف موسكو بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين ذاتيًا ككيانين مستقلين، يصر بوتين على اعتبار أوكرانيا جزءًا من الفضاء التاريخي والثقافي لروسيا، ويرى انفصالها خطأ تاريخيًا.

وتقول أوريسيا لوتسيفيتش، مديرة برنامج روسيا وأوراسيا في معهد تشاتام هاوس، إن أي لقاء مع زيلينسكي “سيجبر بوتين على الجلوس مع رئيس يعتبره غير شرعي، الأمر الذي يصعب تفسيره أمام الشعب الروسي الذي أقنعه الإعلام الرسمي بأن زيلينسكي نازي وأن أوكرانيا دولة تابعة للغرب”.

التشكيك في شرعية زيلينسكي

الكرملين يواصل التركيز على تأجيل الانتخابات في أوكرانيا واعتباره غير قانوني في ظل الأحكام العرفية، كما تشترط آخر مبادرة روسية لإحلال السلام إجراء انتخابات قبل أي اتفاق نهائي.

بوتين ومسؤولوه نادرًا ما يذكرون اسم زيلينسكي، مفضلين وصفه بـ”نظام كييف” على نحو ساخر. وحتى عندما ذهب زيلينسكي إلى تركيا لإجراء أول محادثات مباشرة منتصف مايو، أرسل بوتين وفدًا يقوده مؤرخ بدلًا من حضوره شخصيًا.

رؤية موسكو للقاء

الباحثة تاتيانا ستانوفايا في مركز كارنيغي لأوراسيا، ترى أن بوتين يعتبر الحرب مواجهة مع الغرب أكثر منها صراعًا مع أوكرانيا، ولا يرى لقاء زيلينسكي أمرًا حاسمًا. لكنها تشير إلى أنه “قد يقبل اللقاء إذا توافرت ضمانات لتحقيق نتائج ملموسة”، موضحة أن موسكو تريد من كييف مناقشة مطالب تشمل التنازل عن أراضٍ تحت سيطرة أوكرانيا حاليًا – وهو ما يرفضه زيلينسكي حتى الآن. وتعتقد ستانوفايا أن بوتين يراهن على ترامب لتغيير موقف كييف.

دور ترامب والموقف الأمريكي

نشر البيت الأبيض صورة لترامب يتحدث عبر الهاتف مع بوتين، وأعلن ترامب على منصة “تروث سوشيال” أنه “بدأ ترتيبات لقاء بين بوتين وزيلينسكي”. لكن ترامب عاد صباح الثلاثاء في مقابلة مع فوكس نيوز ليقول: “لقد رتبت الأمر نوعًا ما مع بوتين وزيلينسكي، لكن القرار لهما، فنحن على بعد 7 آلاف ميل”.

لماذا لا يوجد حافز لبوتين؟

حتى الآن، لم يقدم بوتين أي تنازلات، ومع ذلك حصل على قمة في ألاسكا وأسقط ترامب مطلب وقف إطلاق النار قبل المحادثات، كما تراجعت التهديدات بالعقوبات. ورغم تخفيف روسيا هجماتها بالطائرات المسيّرة في أوائل أغسطس، فإنها صعّدت مجددًا بإطلاق 270 طائرة مسيّرة و10 صواريخ ليلة الاثنين. وفي حال فشل الضغط الأمريكي على كييف، يبقى التصعيد العسكري خيار موسكو الدائم.