ماهر النعيمي السوري.. الوجه الآخر لحكاية هشام عشماوي المصري

لا تزال أوجه التشابه بين الحالتين المصرية والسورية تلفت الانتباه وتثير الدهشة، خاصة حين نتأمل في مسار كل من ماهر النعيمي في سوريا، وهشام عشماوي في مصر.
كل منهما كان جزءًا من المؤسسة العسكرية في بلاده قبل أن ينقلب عليها ويصبح جزءًا من المجموعات المتطرفة التي كانت ولا تزال تؤثر بشكل كبير في صراعات المنطقة.
البداية العسكرية.. من المؤسسة إلى الانشقاق
وُلد كل من هشام عشماوي وماهر النعيمي في قلب المؤسسة العسكرية. بينما كان النعيمي ضابطًا في الجيش السوري، نشأ عشماوي في صفوف الجيش المصري.
لكن مع مرور الوقت، قرر كل منهما الخروج عن المؤسسة التي ينتمي إليها، وكان هذا التحول جذرًا في مصيرهما. الانشقاق عن المؤسسة العسكرية لم يكن فقط خطوة مهنية، بل تحولًا فكريًا ونفسيًا سيعيد تشكيل مسارهما بالكامل.
التحول الطائفي والإرهاب
في عام 2011، وبعد انشقاقه عن الحرس الجمهوري السوري، أعلن ماهر النعيمي عن انحيازه الطائفي بشكل صريح، حيث أسس “كتيبة معاوية بن أبي سفيان”، وهي خطوة تعكس جذور الانقسام الطائفي الذي غذى الحرب الأهلية في سوريا.
هذه التسمية لم تكن مجرد اختيار عشوائي، بل كانت بمثابة إعلان واضح عن الانقسام الذي يعمق الأزمة السورية، ويشعل فتيل التوترات الطائفية، وصولًا إلى المجزرة الشهيرة في الساحل السوري.
أما هشام عشماوي، الذي انشق عن تنظيم “أنصار بيت المقدس” في سيناء بعد إعلان ولائه لتنظيم داعش، فكان التحول إلى ليبيا خطوة في مسار آخر من التطرف.
في ليبيا، أسس عشماوي “المرابطون” كفرع لتنظيم القاعدة، ليواصل العمل في إطار الفكر التكفيري الذي يتجاوز الحدود ويهدد استقرار الدول.
أدوات دعائية في خدمة الإرهاب
تجاوز تأثير كل من النعيمي وعشماوي حدود بلادهما. فقد أصبح النعيمي أول ناطق إعلامي باسم الميليشيات المدعومة من تركيا والتي كانت تعرف بـ”الجيش الحر”، مما جعله رمزًا للطائفيين والإرهابيين في سوريا.
أما هشام عشماوي، فقد أصبح رمزًا إعلاميًا لتنظيم القاعدة في سيناء وليبيا، محملًا بمشروع إرهابي يفكك أوطانًا ويهدد استقرارها.
وكلاهما أصبح أداة دعائية قوية تُستخدم في نشر الفكر المتطرف، متجاوزين بذلك المسائل المحلية إلى صراع إقليمي أوسع.
من خلال الأحداث والمواقف التي جمعتهما، يمكننا أن نرى بوضوح التشابك بين مصير مصر وسوريا. فكلا البلدين لا يعيشان بمعزل عن بعضهما البعض، بل إن هناك تأثيرًا متبادلاً على كافة الأصعدة.
فالتطرف الذي خرج من كِلا البلدين بدأ ينتقل من الأفراد إلى الجماعات، مما يجعلنا ندرك مدى الترابط الذي لا يقتصر على المستوى الأمني بل يمتد إلى الصراع الإقليمي بين دول المنطقة.
النعيمي وعشماوي وجهان لعملة واحدة
ماهر النعيمي في سوريا وهشام عشماوي في مصر يشكلان وجهين لذات العمل الإرهابي الذي نشأ من داخل المؤسسة العسكرية، بينما تحولا من ضباط إلى قادة للتنظيمات الإرهابية، يظهران كيف يمكن للتطرف أن ينشأ من داخل الأنظمة العسكرية ليصبح خطرًا يهدد الأوطان.
التغييرات التي طرأت على حياتهما لم تكن مجرد تحولات شخصية، بل جزءًا من صراع أوسع يعصف بالمنطقة، وتُعدّ جزءًا من تطور خطير في مسارات الأمن في مصر وسوريا والمنطقة بأسرها.
تعليقات 0