هآرتس تكشف: “باسيج نتنياهو”.. قمع ممنهج وميليشيات تلاحق المتظاهرين حتى المنازل

في تقرير ناري يعكس تصاعد التوترات الداخلية في إسرائيل، كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عبر تحقيق موسع، عن ممارسات قمعية “ممنهجة” تمارسها جهات غير رسمية ضد المتظاهرين الإسرائيليين المعارضين لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
التقرير، الذي وصف هذه المجموعات بـ”الميليشيات شبه الرسمية”، قارن أساليبها القمعية بتلك التي تعتمدها قوات “الباسيج” التابعة للحرس الثوري الإيراني، في تشبيه يعكس حجم الانزلاق الخطير الذي تشهده الساحة الداخلية الإسرائيلية.
تفتيش مهين ومداهمات ليلية
الصحيفة وثّقت، يوم الثلاثاء، عبر شهادات حيّة، اقتحامات تنفذها مجموعات وصفتها الصحيفة بأنها تُعرف بين المتظاهرين باسم “باسيج نتنياهو”، حيث تقوم بمداهمة منازل معارضين واعتقالهم بطرق مهينة.
وأشارت الصحيفة إلى أن المعتقلين يتعرضون لتفتيش جسدي مذل، يصل إلى درجة التفتيش العاري وتكبيل الأيدي في الأماكن العامة، أمام أعين المارة.
واستعرضت هآرتس حادثة اعتبرتها “نموذجًا للإذلال المنهجي”، حيث شاركت فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا في تظاهرة هادئة أمام منزل وزير الاقتصاد نير بركات، مطالبة بعودة الأطفال الأسرى.
وفور اقتراب أحد رجال الشرطة منها، سارعت والدتها بالنزول لحمايتها، وكانت ترتدي قبعة كُتب عليها “الديمقراطية”.
الأمر لم يمر بسلام، إذ سرعان ما تطور الموقف إلى مشادة كلامية، اتُهمت الأم على إثرها بـ”التحريض عبر لافتات”.
تكبيل وإذلال في مركز الشرطة
ووفق ما نقلته الصحيفة، تم اعتقال الأم وتكبيلها أمام المارة، وسحبها إلى شاحنة للشرطة، ثم اقتيدت إلى أحد المراكز حيث خضعت لتفتيش جسدي قسري بعد إجبارها على خلع ملابسها.
وبعد أربع ساعات من الاحتجاز، تم الإفراج عنها دون توجيه تهم رسمية. ونقلت الصحيفة عنها قولها: “شعرت بأنني مختطفة… هذه الإهانات لا تطبق على المستوطنين المسلحين الذين يعتدون على الجيش ويحرقون مواقعه”.
قوة بلا صفة رسمية
تشير الصحيفة إلى أن “باسيج نتنياهو” تتألف من أفراد لا يرتدون زيًا رسميًا، ولا يحملون ما يدل على انتمائهم القانوني، وهو ما يثير تساؤلات حادة حول شرعية وجودهم وصلاحياتهم.
ووفق الشهادات التي جمعتها “هآرتس”، فإن هذه المجموعات تتحرك في مجموعات صغيرة وتعمل على بث الرعب بين المتظاهرين، من خلال المداهمات الليلية وعمليات الاعتقال والتفتيش، فضلًا عن منعهم من التجمهر أو حتى التعبير عن آرائهم عبر المنصات الاجتماعية أو الإعلامية.
تحريض رسمي وتكميم للأفواه
تأتي هذه الممارسات في ظل تصاعد حملة تحريض “رسمية” ضد وسائل الإعلام المستقلة، بحسب ما أكدت الصحيفة، حيث يتم وصف المحتجين والمعارضين في الخطاب الحكومي بأنهم “خونة” و”عملاء”، في محاولة لتبرير القمع المتزايد ضدهم.
وتقول الصحيفة إن ذلك ترافق مع تحريض علني ضد الصحفيين والنشطاء، الأمر الذي يثير مخاوف من انزلاق البلاد نحو نموذج سلطوي مغلق.
تحذير من انزلاق سلطوي خطير
ورأت “هآرتس” أن ما يجري يمثل نقطة تحول خطيرة، تدفع إسرائيل نحو نظام سلطوي يرفض المعارضة ويلاحق الأصوات الحرة. وجاء في التقرير: “حكومة نتنياهو لم تعد خاضعة للقانون.
ومن الآن فصاعدًا، الطريقة الوحيدة لتجنّب باسيج نتنياهو هي ألا تتظاهر، وألا تكتب، وألا تتحدث، وألا تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي أو في الصحف… فقط الصمت”.
احتجاجات متواصلة وسط أزمة سياسية
التقرير نُشر في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات الإسرائيلية، التي خرجت منذ أشهر رفضًا لسياسات حكومة نتنياهو، خاصة في ما يتعلق بالحرب المستمرة على غزة، والتعديلات القضائية المثيرة للجدل.
ورغم استمرارها، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تُبدِ أي مرونة، بل صعّدت من حملتها على المعارضين.
وقد سبق لنتنياهو أن شن هجومًا حادًا على صحيفة “هآرتس”، متهمًا إياها بنشر “افتراءات” حول جرائم الجيش الإسرائيلي في غزة.
وتتهم المعارضة نتنياهو بالسعي إلى فرض “نظام حكم شخصي وسلطوي”، بينما تحذر منظمات حقوق الإنسان من أن الاعتقالات والمداهمات الجارية تخطت كل الحدود القانونية المتعارف عليها في دولة تدّعي الديمقراطية.
تعليقات 0