هل الحرب الهندية الباكستانية شرارة بدء الحرب النووية؟.. أم يتم إحتواء الأزمة مبكراً

في ظل التصعيد المتزايد للتوترات بين الهند وباكستان، لم يعد شبح الحرب النووية مجرّد احتمال نظري، بل بات خطرًا واقعيًا يُنذر بكارثة قد تندلع في لحظات خاطفة.
فالخطر لا يكمن فقط في امتلاك السلاح النووي، بل في قصر المدة الزمنية الفاصلة بين اتخاذ قرار الإطلاق ووصول الصواريخ إلى أهدافها، ما يُضعف قدرة الطرفين على التحقق من دقة الإنذارات ويُضاعف احتمالات الخطأ القاتل.
تحذير بالغ الخطورة أورده تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأميركية، نقله الصحفي المتخصص في الشؤون الدفاعية والضابط السابق في الجيش اليوناني، ستافروس أتلاماز أوغلو، والذي أكّد أن الجغرافيا الضيقة بين الهند وباكستان تجعل أي خلل تقني أو إنذار خاطئ كفيلاً بإشعال مواجهة نووية فورية، دون منح القيادات العسكرية الوقت الكافي للتحقق أو التراجع.
وأشار أتلاماز أوغلو إلى أن الخصومة التاريخية بين الدولتين تعود إلى لحظة الاستقلال عن بريطانيا عام 1947، وقد شهدت 3 حروب شاملة وعشرات المناوشات، لكنها لم تنزلق إلى حرب كبرى منذ 1998، العام الذي أصبحتا فيه قوتين نوويتين فعليتين.
الثالوث النووي ومخاطر الرد الفوري
الهند، التي كانت السبّاقة إلى امتلاك السلاح النووي، تحتفظ بما يُقدّر بـ172 رأسًا نوويًا وفق معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، وتمتلك “ثالوثًا نوويًا” كاملًا (بري، جوي، وبحري)، ما يمنحها قدرة الرد بالضربة الثانية حتى في حال تعرّضها لهجوم مباغت.
وعلى الرغم من التزامها بسياسة “عدم البدء بالاستخدام”، إلا أن نيودلهي بدأت مؤخرًا في اتخاذ خطوات تشير إلى رفع جاهزية قواتها النووية من خلال دمج الرؤوس الحربية مع منصات الإطلاق.
أما باكستان، التي دخلت النادي النووي متأخرة عام 1998، فقد نجحت في بناء ترسانة تُقارب 170 رأسًا نوويًا، وتعمل هي الأخرى على تطوير قدرات إطلاق ثلاثية.
وعلى عكس الهند، لم تتبنَّ إسلام آباد مبدأ “عدم البدء”، بل احتفظت بحق استخدام السلاح النووي التكتيكي كوسيلة ردع لأي اجتياح محتمل من القوات الهندية، خاصة أن نيودلهي تتفوق عسكريًا من حيث عدد الجنود والقدرات البرية.
الخطر الكامن في “الإنذار الكاذب”
التجربة التاريخية خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي تُظهر أن المسافة الجغرافية بين القوتين سمحت لهما بالتعامل مع الإنذارات الكاذبة دون الانزلاق إلى كارثة.
أما في حالة الهند وباكستان، فإن صاروخًا واحدًا قد يصل إلى هدفه في غضون ثوانٍ، ما يضغط على متخذي القرار ويجعل الرد الفوري خيارًا خطيرًا بل ومحتملًا.
ورغم أن التقارير تشير إلى أن البلدين لا يحتفظان بأسلحة نووية “منشورة” أي جاهزة للإطلاق الفوري في زمن السلم، إلا أن قدرة الجانبين على تعبئة الترسانة وتجهيزها للاستخدام السريع في حال نشوب نزاع تبقى قائمة.
دعوة دولية للتحرك قبل فوات الأوان
يخلص تحليل “ناشونال إنتريست” إلى أن واقع التسلّح النووي بين الجارتين، مقترنًا بعوامل القرب الجغرافي والتاريخ المتوتر، يُحتّم على المجتمع الدولي التحرك العاجل لمنع انزلاق الصراع إلى مواجهة نووية شاملة.
فكل ثانية تأخير قد تكون هي الفاصل بين احتواء الأزمة أو اندلاع حرب تُغيّر وجه القارة الآسيوية والعالم بأسره.
تعليقات 0