ألم الصدر بعد الأكل.. متى يكون خطراً ومتى يكون اضطراباً هضمياً؟

يعاني العديد من الأشخاص من إحساس غير مريح في منطقة الصدر يتلو تناول الطعام، سواءً كانت الوجبة دسمة أو خفيفة،ويميل البعض لوصف هذا الألم على أنه حرقة تنتشر من أعلى المعدة نحو منتصف الصدر، بينما يصفه آخرون بضغط خانق أو وخز مفاجئ قد يثير القلق ،و غالباً ما يغفل الكثيرون عن أن هذا العرض الشائع قد يكون ناجماً عن اضطرابات في الجهاز الهضمي وليس بالضرورة مرتبطاً بمشاكل في القلب.
وحسب تقرير لموقع Tua Saúde المتخصص في المحتوى الطبي، فإن ألم الصدر الذي يلي تناول الطعام يستحق المراقبة الدقيقة، إذ يمكن أن يكون مرتبطاً بحالات مثل الارتجاع المريئي أو مشكلات في المرارة أو تقلصات عضلية في المريء، وكلها تؤثر في مسار الطعام وحركته الطبيعية ضمن القناة الهضمية.
الارتجاع الحمضي السبب الأشيع
يعتبر ارتجاع حمض المعدة نحو المريء السبب الأكثر انتشاراً لهذا النوع من الألم. يحدث ذلك بسبب ضعف في العضلة العاصرة بين المعدة والمريء، مما يسمح للحامض المعدي بالارتداد مسبباً إحساساً بالحرقة خلف عظمة القص، وقد يمتد هذا الشعور نحو الحلق أو الفك، ويظهر الألم عادة بعد الأكل مباشرة، وخاصة بعد تناول وجبات غنية بالدهون أو التوابل، أو عند الاستلقاء بعد الوجبة.
وتشير الدراسات إلى أن المصابين بالارتجاع المزمن يعانون غالباً من أعراض مصاحبة مثل السعال الجاف وبحة الصوت وطعم مر في الفم. وتنصح التوصيات الطبية بتناول وجبات صغيرة وتجنب الاستلقاء بعد الطعام والحد من تناول القهوة والشوكولاتة والأطعمة الحامضية.
المرارة وتشنجات المريء.. آلام تحاكي القلب
لا تقتصر أسباب الألم على المعدة فقط، إذ قد تؤدي الحصوات في المرارة إلى عرقلة تدفق العصارة الصفراوية اللازمة لهضم الدهون، مما يتسبب بألم يمتد من الجانب الأيمن للبطن إلى وسط الصدر أو حتى الكتف. ويكون هذا الألم أكثر شيوعاً بعد الوجبات الدسمة.
أما تقلصات المريء، وهي انقباضات غير طبيعية في العضلات المحيطة به، فقد تسبب ألماً ضاغطاً وحاداً يشبه ألم الذبحة الصدرية. في هذه الحالة، لا يكون السبب مرتبطاً بالحمض أو الدهون بل بخلل في الحركة الطبيعية لعضلات المريء الدافعة للطعام. ويمكن أن تساعد الأدوية المرخية للعضلات وتعديلات نمط الحياة في تخفيف هذه التشنجات.
القرحة الهضمية والغازات آلام تتخفى خلف الصدر
تشكل القرحة الهضمية سبباً آخر محتملاً لألم الصدر بعد الطعام، حيث تسبب تهيجاً في بطانة المعدة أو الاثني عشر وقد يمتد الألم إلى المنطقة العليا من الصدر. ويميل الألم للتفاقم مع تناول الأطعمة الحارة أو الحامضة أو خلال فترات الجوع الطويلة.
كما يمكن أن يؤدي تراكم الغازات في المعدة أو الأمعاء إلى الضغط على الحجاب الحاجز، مما ينتج عنه شعور بالألم في الجزء العلوي من الصدر. ورغم أن هذه الحالة ليست خطيرة عادة، إلا أن تكرارها قد يشير إلى وجود اضطراب هضمي يستدعي الاستشارة الطبية.
علامات التحذير.. متى يصبح الألم خطراً ؟
رغم أن غالبية حالات ألم الصدر بعد الطعام ليست ذات منشأ قلبي، إلا أن هناك أعراضاً تحذيرية تستدعي التدخل العاجل. وتشمل هذه العلامات الألم الحاد والمستمر الذي يمتد إلى الذراع أو الفك أو الرقبة، وخاصة إذا صاحبته ضيق في التنفس أو تعرق غزير أو دوخة، إذ قد تدل هذه المؤشرات على ذبحة صدرية أو نوبة قلبية تتطلب التوجه الفوري للطوارئ.
كذلك، إذا استمر الألم الهضمي لفترة طويلة أو رافقه غثيان متكرر أو فقدان غير مبرر للوزن، فيجب مراجعة الطبيب لإجراء التقييم اللازم.
التشخيص والعلاج
يبدأ التشخيص عادة بأخذ وصف دقيق من المريض عن طبيعة الألم وموقعه وتوقيت ظهوره، ثم يلجأ الطبيب إلى فحوصات مثل التحاليل الدموية والتنظير الداخلي للمعدة والمريء والتصوير بالموجات فوق الصوتية للبطن. وفي الحالات التي يشتبه فيها بوجود سبب قلبي، قد يُطلب تخطيط كهربية القلب أو فحص إنزيمات القلب.
يختلف العلاج باختلاف السبب
– في حالات الارتجاع الحمضي: تُستخدم أدوية تقلل إفراز الحمض كمثبطات مضخة البروتون أو مضادات الحموضة.
– في حالات المرارة: قد يكون العلاج دوائياً لإذابة الحصوات أو جراحياً لإزالتها في الحالات المتكررة.
– في حالات تشنجات المريء: تُستخدم مرخيات العضلات أو العلاج السلوكي للتقليل من التوتر العصبي المُحفز للتشنجات.
ويُنصح عموماً باتباع نمط حياة صحي يشمل تناول الطعام ببطء وتجنب الوجبات الثقيلة والحفاظ على وزن مناسب.
الوقاية خير علاج
تبدأ الوقاية من خلال تعديل العادات الغذائية، وذلك بالتقليل من الأطعمة الحارة والمقلية والإقلاع عن التدخين وشرب كميات كافية من الماء، مما يسهم في خفض تكرار النوبات. كما يُفضل البقاء في وضعية الجلوس لمدة نصف ساعة على الأقل بعد الانتهاء من الطعام لتقليل فرص ارتداد الحمض.
ويمكن أن تساعد عادات بسيطة مثل المشي الخفيف بعد الأكل أو ممارسة تمارين التنفس في تهدئة الجهاز الهضمي وتقليل تراكم الغازات، أما مرضى الارتجاع المزمن، فيُنصح برفع رأس السرير قليلاً أثناء النوم ومراجعة الطبيب بشكل دوري لمتابعة الحالة وتجنب المضاعفات.


تعليقات 0