المسكنات بين نعمة التسكين وخطر الإدمان: دعوة للوعي والتوازن

تُعد المسكنات من أكثر الأدوية تداولاً في العالم ولا يخلو بيت منها إذ تشكّل ملاذاً سريعاً لتسكين آلام الرأس والعضلات والمفاصل وغيرها غير أن الوجه الآخر لهذا الحل المؤقت قد يحمل أضراراً صحية جسيمة عند سوء الاستخدام فبين تحقيق الراحة الآنية والإفراط في الجرعة أو الاعتماد النفسي والجسدي يكمن التحدي الحقيقي في الوعي بكيفية استعمالها ومتى يجب الحذر منها

تنقسم المسكنات إلى غير أفيونية مثل الباراسيتامول والإيبوبروفين وتُستخدم للألم الخفيف إلى المتوسط وأفيونية مثل المورفين والترامادول وتُوصف للألم الشديد لكنها ترتبط بخطر الإدمان إضافةً إلى ما يُعرف بالمساعدات المسكنة كأدوية الاكتئاب ومضادات الاختلاج المستخدمة لألم الأعصاب

ويُحذر الأطباء من الاستخدام العشوائي للمسكنات حتى الخفيفة منها إذ قد يؤدي الاستعمال المزمن إلى مضاعفات تشمل تلف الكبد وضعف الكلى وقرحة المعدة وزيادة خطر أمراض القلب فضلاً عن ما يُعرف بصداع الإفراط في استخدام المسكنات

وإذا كانت المسكنات ضرورية في حالات الألم الحاد أو بعد الجراحات أو في رعاية مرضى السرطان فإنها تُصبح خطراً في حالات الأمراض المزمنة أو لدى كبار السن أو المصابين بأمراض الكبد والكلى أو من لديهم تاريخ إدماني

وقد دقّت منظمات دولية منها منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن إساءة استخدام المسكنات الأفيونية واعتبرتها أحد مسببات الوفاة بين الشباب في عدد من الدول المتقدمة بينما أشارت إحصاءات مصرية إلى أن الترامادول مسؤول عن 40% من حالات الإدمان المسجلة محلياً ما يستدعي استجابة تشريعية وصحية وإعلامية متكاملة

وبهدف تقليل الاعتماد على الأدوية وخاصة الأفيونية توصي منظمة الصحة العالمية بدمج علاجات بديلة غير دوائية مثل العلاج الطبيعي والعلاج السلوكي والوخز بالإبر والتأمل والارتجاع البيولوجي في خطط علاج الألم المزمن وهي وسائل أثبتت فعاليتها في تحسين نوعية الحياة وتقليل الشعور بالألم

وللوقاية من الإدمان تنصح الجهات الصحية بعدم استخدام المسكنات إلا بوصفة طبية وبالحد الأدنى الفعّال للجرعة وتجنّب التوصيات الشفهية أو خلط أنواع متعددة منها دون علم الطبيب وضرورة تقييم الحالة باستمرار خاصة لدى من يستخدمونها لفترات طويلة

وتخضع بعض المسكنات حالياً لرقابة صارمة وقد تم حظر بعضها في دول عدة بعد اكتشاف آثارها الجانبية الخطيرة أو ارتباطها بوفيات ناتجة عن سوء الاستخدام ما يجعل صرفها مقتصراً على وصفات موثقة وتحت رقابة مشددة