بلدة منعزلة في البرازيل تكشف لغزاً وراثياً نادراً يصيب الأطفال
ويثير قلق الأطباء

بلدة منعزلة في البرازيل تكشف لغزاً وراثياً نادراً يصيب الأطفال، ففي بلدة نائية تُدعى سيرينها دوس بينتوس، تقع في الشمال الغربي للبرازيل ويقطنها نحو خمسة آلاف نسمة، تعيش أسر بأكملها في عزلة شبه تامة عن العالم الخارجي. هذه البلدة الهادئة، ذات الطابع الريفي، لم تكن معروفة خارج حدودها حتى بدأت تقارير طبية غريبة تتوافد عنها: أطفال يفقدون قدرتهم على المشي تدريجياً، وتدهور متسارع في وظائفهم العصبية.
هذه الظاهرة الغامضة جذبت أنظار العلماء، وأثارت تساؤلات واسعة في الأوساط الطبية، لتتكشف لاحقاً حقيقة صادمة: انتشار متلازمة عصبية نادرة تُعرف باسم “متلازمة سبوان”، وهي حالة وراثية نادرة تُصنف طبياً باسم Spastic Paraplegia Type 35 (SPG35)، تؤدي إلى ضعف تدريجي في الحركة والتوازن، وأحياناً إلى تراجع في القدرات الذهنية.
بلدة منعزلة في البرازيل
السرّ يكمن في الجينات. فقد كشفت دراسة موسعة للباحثة البرازيلية سيلفانا سانتوس أن هذه المتلازمة سببها طفرة جينية متنحية، لا تظهر أعراضها إلا إذا ورثها الطفل من كلا والديه. ونتيجة لعقود من زواج الأقارب في هذه البلدة المعزولة، باتت الطفرة الجينية شائعة بشكل مثير للقلق.
تبدأ الأعراض بضعف تدريجي في الأطراف السفلية، يصاحبه تيبس في العضلات، وصعوبة متزايدة في المشي. ثم تظهر اضطرابات في التوازن، وأحياناً حركات لا إرادية في العين (رأرأة)، وصعوبات في النطق والتواصل، في ظل تدهور عصبي مستمر يؤثر على جودة حياة المصابين.
تُشخص المتلازمة من خلال الفحوصات السريرية، والتحاليل الجينية، إضافة إلى صور الرنين المغناطيسي التي تكشف تأثير المرض على الدماغ والنخاع الشوكي. وحتى الآن، لا يوجد علاج شافٍ، بل تركز الجهود على التخفيف من الأعراض عبر العلاج الطبيعي، وأدوية لتيبس العضلات، وأجهزة مساعدة، إلى جانب الدعم النفسي للمريض وأسرته.
منظمة الصحة العالمية شددت على أهمية التوعية، خاصة في المجتمعات التي تنتشر فيها علاقات القرابة بين الأزواج. فإجراء فحوصات جينية قبل الزواج قد يشكل خط الدفاع الأول للحد من انتقال هذه الطفرة الوراثية عبر الأجيال.
في بلدة صغيرة ومعزولة، كشف الغموض عن قصة طبية نادرة، تلقي الضوء على أهمية فهم الجينات، وخطورة تجاهل التاريخ الوراثي للعائلات، حتى في أبعد بقاع العالم.
تعليقات 0