هل كذب الطفل مؤشر على مشكلة؟ علماء النفس يفاجئون بالإجابة
ربما عبقرية مبكرة

حين يكذب طفل صغير، يُسارع الأهل للقلق أو العقاب، باعتبار السلوك انحرافًا أخلاقيًا، لكن المفاجأة أن علم النفس يرى زاوية أخرى تمامًا: الكذب قد يكون علامة على ذكاء مبكر وقدرات عقلية متقدمة.
في سنوات الطفولة الأولى، لا يكون الكذب دائمًا نتاجًا لسوء النية، بل جزءًا من عملية عقلية معقدة تُمثل خطوة في رحلة النضج والتفكير المجرد. فهل ينبغي أن نقلق من “كذبة طفل”؟ أم علينا أن نفهم ما وراءها؟
بحسب موقع Mind Bloom، يبدأ الكذب في سن مبكرة، غالبًا من عمر عامين، ويصبح أكثر وضوحًا في سن الرابعة، حيث تشير الدراسات إلى أن نحو 80% من الأطفال في هذا العمر قد يستخدمون الكذب بدرجات متفاوتة.
لكن الدافع غالبًا ليس الخداع، بل الهروب من العقاب، الحصول على مكافأة، أو حتى مجرد اللعب والتجربة. الطفل لا يدرك تمامًا الفرق بين الحقيقة والخيال، وقد يختلق قصة أو شخصية خيالية، ويرويها كما لو كانت واقعًا، ما يوقعه في كذبة لا يقصد بها الأذى، بل التعبير.
يُجمع علماء النفس على أن القدرة على الكذب تتطلب مجموعة مهارات عقلية متقدمة، أبرزها:
نظرية العقل (Theory of Mind): وهي قدرة الطفل على فهم أن الآخرين لا يعرفون ما يعرفه هو.
التحكم الذاتي: لإخفاء التعبيرات والسلوك الذي قد يفضح الكذبة.
اللغة والتركيب الذهني: لتكوين رواية متماسكة منطقية.
هذه المهارات تُعد مؤشرًا قويًا على ذكاء اجتماعي ومعرفي مرتفع، بل ويرتبط الكذب المبكر أحيانًا بقدرة الطفل لاحقًا على حل المشكلات والابتكار.
في هذه المرحلة العمرية، يندمج الخيال مع الواقع في ذهن الطفل. حين يقول: “أنا طرت مع تنين”، أو “كنت أميرة في القصر”، قد يرى في ذلك سردًا طبيعيًا لقصة من وحي خياله، وليست كذبة مقصودة.
هذا الاندماج يخلق صعوبة في التفريق بين الكذب البريء والخداع المقصود، لذا يجب أن يُفهم ضمن سياقه النمائي وليس فقط الأخلاقي.
كيف نتعامل مع كذب الأطفال؟
عوضًا عن التوبيخ، يُوصي الخبراء باتباع خطوات تربوية ذكية:
التحاور بهدوء: استمعي للطفل وافهمي دافعه دون اتهام.
خلق بيئة آمنة: لا تجعلوا الصدق يقود دائمًا إلى العقاب.
التشجيع على التعبير الإبداعي: وجّهي خياله نحو القصص، الرسم، والمسرح.
مدح الصدق علنًا: كافئيه عندما يختار قول الحقيقة.
بهذا الأسلوب، يمكن تحويل “الكذبة الصغيرة” إلى بوابة لفهم أعمق وأذكى لعقل الطفل المتنامي.
قد تكون الكذبة التي تثير قلقك كأب أو أم، علامة على عقل صغير يبدأ في اختبار العالم، والتلاعب بالواقع لفهمه وتخيله. لا تُحبطه بعقاب، بل اجعل من هذه اللحظة فرصة لصقل الصدق وتنمية الإبداع في آنٍ واحد.
تعليقات 0