فرنسا تفقد بوصلتها في أزمة أوكرانيا.. التناقض بين تصريحات باريس وتحركاتها تجاه روسيا يثير قلق المجتمع الدولي

آخر تحديث :
مانويل ماكرون
مانويل ماكرون

في وقت تتسم فيه الأزمة الأوكرانية بالتصاعد والتعقيد، يبدو أن تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تثير التساؤلات حول اتجاه سياسة فرنسا ودورها في هذه الأزمة الدولية. حيث يتراوح تصريحه بين دور الوساطة والمحرض على الحرب ضد روسيا بشكل متناقض مع السياسات الفعلية التي تتبناها حكومته.

ووفقًا لوكالة “بلومبرج”، فإن هذا التناقض في التصريحات قد أثار حالة من القلق والارتباك بين المسؤولين الأمنيين الفرنسيين وحلفاء باريس، حيث يخشون من انعكاس هذا التقلب على سياسات بلادهم وعلاقاتها الدولية.

وفي ظل دعوة ماكرون للدول الغربية للتأهب الحربي والاستعداد لمواجهة عسكرية محتملة مع روسيا، قامت حكومته بخطوات متناقضة تمامًا مع هذا الخطاب التصعيدي، مما أثار تساؤلات حول تناغم السياسات الفرنسية والتزامها الحقيقي في مواجهة التحديات الدولية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا التباين بين التصريحات والسياسات الفعلية يأتي في سياق زمني محمّل بالتوترات الدولية والتحديات الأمنية، مما يجعل استقرار وتوجيهات السياسة الخارجية لفرنسا أمرًا حيويًا لاستعادة الثقة في قيادتها وتفادي المزيد من التعقيدات في المشهد الدولي.

وفقًا لتقرير وكالة “بلومبرج”، فإن أحد الخطوات التي أثارت حالة من عدم الارتياح لدى حلفاء فرنسا كانت إجراء وزير الدفاع الفرنسي، سباستيان ليكورنو، اتصالًا بنظيره الروسي سيرجي شويجو في وقت سابق من هذا الشهر.

وفي هذا الاتصال، حذّرت موسكو باريس من أي محاولة لنشر قوات عسكرية فرنسية في أوكرانيا، وهو السيناريو الذي طُرح سابقًا من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مارس الماضي.

تم خلال الاتصال المذكور أيضًا مناقشة إمكانية إجراء محادثات سلام بناءً على مبادرة إسطنبول السابقة، التي كانت تستهدف حل الأزمة في مراحلها الأولى. ومع ذلك، أفادت التقارير الروسية أن هذه المحادثات السلمية تعثرت بسبب تدخلات الدول الغربية في العملية.

من جهتها، لم تذكر الحكومة الفرنسية في بيانها الرسمي حول هذا الاتصال أي نية لإجراء مفاوضات سلام، بل أكدت التزامها بمواصلة دعم كييف عسكريًا وسياسيًا، مما يعكس تبنيها موقفًا ثابتًا في الدعم لأوكرانيا.

وفي تناقض آخر بين تصريحات الرئيس ماكرون وسياسات حكومته، أشارت وكالة “بلومبرج” إلى دعوة ماكرون الأخيرة إلى إعلان هدنة أولمبية خلال دورة الألعاب في باريس هذا الصيف.

ورغم ندرة احترام مثل هذه الهدنات، فإن مصادر مقربة من ماكرون أكدت أن الرئيس الفرنسي كان “جادًا تمامًا” في هذه الدعوة، مما يظهر التناقضات في السياسات الدبلوماسية المعلنة والمبادرات الفردية للزعماء السياسيين.

فقًا لتقرير وكالة “بلومبرج”، فإنها ربطت بين التقلبات في خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتأخر باريس في تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وذلك في مقارنة مع تحركات حلفاء فرنسا الأوروبيين الآخرين. حيث لاحظت الوكالة أن قيمة الأسلحة التي تعهدت فرنسا بتسليمها لأوكرانيا تبلغ ملياري دولار فقط، في حين قدمت ألمانيا وحدها مبلغًا يتجاوز 23 مليار دولار.

ووفقًا لمصادر بلومبرج، فإن هذا التباين بين الخطاب المتذبذب لماكرون وتأخر باريس في تقديم المساعدات العسكرية يثير قلق المسؤولين الفرنسيين وحلفاء البلاد، حيث يخشون أن يكون ماكرون قد فقد اتجاهه وبوصلته في السياسة الخارجية لباريس في مواجهة التحديات الدولية الخطيرة، مما يجعل الحاجة إلى موقف واضح وثابت أكثر أهمية في هذه الفترة الحساسة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.