صراع أمريكا وإيران يدق طبول الحرب في الشرق الأوسط.. والمجتمع الدولي يبحث عن حلول دبلوماسية

آخر تحديث :
أمريكا وإيران
أمريكا وإيران

تتصاعد حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وسط تحذيرات متزايدة من خطر اندلاع حرب بين البلدين.

ففي الوقت الذي يكرر فيه مسؤولون من كلا البلدين عدم رغبتهم في حرب، تتزايد حدة التوتر من خلال الغارات الجوية والضربات العسكرية المتبادلة.

فقد نفذت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عشرات الغارات الجوية على جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، بينما شنت الولايات المتحدة عشرات الضربات الجوية ضد مجموعات قتالية مدعومة من إيران في العراق وسوريا.

وتأتي هذه الضربات ردًا على غارة شنتها مجموعات مسلحة بطائرة بدون طيار على موقع أمريكي بالقرب من الحدود بين الأردن وسوريا، أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأمريكية.

وحسب مجلة “نيويورك” الأمريكية، فإن نحو 40 ألف جندي أمريكي لا يزالون متمركزين في قواعد مختلفة، كبيرة وصغيرة، في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.

وذكرت المجلة أن الضربة التي نفذتها طائرة بدون طيار في 28 يناير على موقع غامض في الأردن هي قاعدة لم يعلم سوى القليل من الأمريكيين بوجودها، وهي مثال مأساوي آخر لمخاطر ترك القوات منتشرة في جميع أنحاء العالم، وفي بعض الأحيان بدون مهمة واضحة، حيث أصبح كل فرد من هؤلاء العسكريين هو ضحية محتملة يمكن أن تؤدي إلى صراع مستقبلي.

بالنسبة لإيران، فإن الانتقام الأمريكي الجاري، هو مثال على مخاطر إدارة مجموعات قتالية بالوكالة على جبهات متعددة قد لا تكون طهران قادرة على توجيهها بشكل كامل، وبينما يبدو أن إيران قد تجنبت هجومًا داخل حدودها في الوقت الحالي، يقول بايدن إنه سيواصل الرد، وقد تجد طهران أن مصيرها النهائي يمكن أن يحدده زعيم جماعة عراقية أو سورية إذا مات المزيد من الأمريكيين.

وبعبارة أخرى، فإن الأحداث بالنسبة لكلا البلدين على زناد شعري دائم، يهدد بالانفجار عند أدنى ضغط، وفق مجلة “نيويورك”.

ففي مجلة “فورين بوليسي”، يرى المحللان آدم وينشتاين وستيفن سايمون أنه في حين أن القوات الأمريكية لا تزال تلعب دورًا مهمًا في تعزيز القوات العراقية، إلا أن الأمر لم يعد يستحق المخاطرة، لذلك لا توجد طريقة مجدية لـ 2500 جندي أمريكي لمساعدة العراق ضد داعش، والأمر نفسه ينطبق على ما يقرب من 900 جندي أمريكي في سوريا.

تقرير مجلة “فورين بوليسي” يقول “لقد انتهى عصر زيادة القوات والقتال الأمريكي النشط، وقد يزعم البعض أن الانسحاب من العراق عسكريًا سيفيد إيران ووكلاءها، وهم على حق، لكن من خلال تزويدهم بالقوات اللازمة لاستهدافهم، تؤكد الولايات المتحدة عن غير قصد سبب وجودهم، في حين تعمل على إدامة خطر اندلاع حرب غير مرغوب فيها مع إيران”.

مجلة “أتلانتيك” في تقرير لها رأت أن سيطرة إيران على الجماعات المسلحة التي تدعمها أقل بكثير مما قد يبدو، ويوضح أن العلاقة برمتها في الواقع عبارة عن فوضى عارمة من صنع إيران، حيث تشكل الجماعات العراقية الجزء الأكثر صخبًا في محور المقاومة الإيراني، وهي من بين أكثر الجماعات رسوخًا في الإيديولوجية الإسلامية الشيعية في إيران، لكن تلك الجماعات لم تتحد قط في جماعة واحدة في العراق، وتتمتع كل جماعة بهوية قوية، وعادة ما يتم تنظيمها حول زعيم كاريزمي واحد.

كافحت طهران وقيادة الحرس الثوري الإيراني لإبقاء الجماعات تحت السيطرة، ومنعها من مهاجمة القوات الأمريكية، على وجه الخصوص، وأصبح الجدل حول هذه الأمور صعبًا بشكل خاص منذ مقتل سليماني، لأن الرئيس الحالي لجناح العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، لا يتمتع بالكاريزما التي يتمتع بها سليماني، أو العلاقات الشخصية مع الجماعات، أو حتى إتقان جيد للغة العربية.

في الأسبوع الماضي، ذكرت صحيفة “بوليتيكو” أنه في أعقاب هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل والصراع المتصاعد مع الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، يعتقد البعض في مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة بحاجة الآن إلى إعادة تأسيس وجود أكبر في المنطقة، والآن، وسط قصف مكثف من الجماعات المدعومة من إيران، يقول أكثر من عشرة من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين إن إلغاء واشنطن لأولوياتها في الشرق الأوسط، وعلى وجه التحديد نهجها تجاه إيران، ترك الولايات المتحدة عُرضة للخطر.

صحيفة “نيويورك تايمز” ذكرت أن قرار بايدن بشن الضربة بقاذفات B-1B التي أقلعت من الولايات المتحدة يحمل رسالته خاصة بالطبع، وهي أفضل قاذفة متاحة بسبب تعقيد هذه الضربات، وهي نفس الطائرات الحربية التي سيتم استخدامها في أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، إذا قررت طهران القيام بالسباق الأخير للحصول على سلاح نووي.

صحيفة “الجارديان” البريطانية ذكرت أن “الانتقام العسكري الأمريكي المباشر ضد إيران نفسها سيكون كارثة، ومن شأنه أن يطيل أمد الصراع في غزة، ومن شبه المؤكد أن يؤدي ذلك إلى هجوم شامل لحزب الله على إسرائيل، ومن الممكن أن يحول المعارك المحلية إلى جحيم مستعر في العراق وسوريا”.

الصحيفة البريطانية أضافت “أن المواجهة المفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران من شأنها أن تقسم، ربما بشكل دائم، الديمقراطيات الغربية بين تلك، مثل المملكة المتحدة، التي ستدعم واشنطن، وتلك، مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، التي قد تعطي الأولوية بشكل معقول لتجديد التواصل الدبلوماسي مع طهران، ومن شأنه أن يساعد الصين في تعزيز طموحاتها الجيوسياسية المناهضة للديمقراطية وروسيا في تبرير عدوانها في أوكرانيا، والأكثر من ذلك، أنها ستكون هدية لنتنياهو، الذي طالما حث على القيام بعمل عسكري عقابي ضد إيران”.

إن طبيعة العلاقات المعقدة بين طهران وحلفائها ووكلائها في المنطقة، وعدم انضباط بعض هذه التنظيمات والجماعات، وغياب منسق إيراني له معرفة وثيقة بقادة هذه التنظيمات، وخبرة واسعة بشؤون العالم العربي، وملم باللغة العربية مثل الجنرال قاسم سليماني، واحتمال حدوث تطورات ميدانية غير محسوبة أو مقصودة خلال العمليات العسكرية الأمريكية المتوقعة، كل هذه العوامل تعني أن احتمال حدوث مواجهة مباشرة بين القوات الأمريكية والقوات الإيرانية لم يعد مستبعدًا كليًا، وفق تقرير لـ”معهد دول الخليج العربية” في واشنطن.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.